جريدة نبأ نيوز

من محمد أسامة الفتاوي الى رئيس الحكومة: إنّ من يفترض ان يشكو الناس إليه، هو المَشكو منه، الذي يبدو انه يعيش في كوكب آخر يصمّ آذانه إلّا عن مصالحه، ويحقق رغباته التي يريدها لنفسه فقط، ومن بعده الطوفان

السيد رئيس الحكومة ،مقابل الإيجابية التي تمّ ضخها على سطح المشهد السياسي الداخلي،نرى أن هناك قراءة متشائمة نلخصها : “إنّ نظرة معمّقة الى مسار تأليف الحكومة والمشاورات التي تجري بين الأحزاب السياسية، تظهر أنه ليس في حوزة طبّاخي الحكومة دليل حسّي ولَو بسيط، أو مادة صلبة يمكن الركون اليها للقول إنّ لهذه الايجابية التي يجري ضخّها في الاجواء، مَعنًى، وانّ حبل التعقيدات الطويل قد قُطع، وبدأ الوصل الجدّي لخيوط التأليف بذهنية التفاهم والتنازل والموضوعية، بعيداً عن الذهنية السياسية المعقّدة التي تعطّل كل هذا المسار، والتي تبدأ وتنتهي عند شهوة الحكم والاستئثار والتسلّط”.

السيد رئيس الحكومة أقول “هذه الايجابية، سواء أكانت جدية ام ظاهرية، تسبح في بحر التجاذبات السياسية والشهوات المحتدمة على تقاسم جبنة الحكومة ومغانمها وملذّاتها، ولا تعني المغاربة الذين لا همّ لهم سوى إخراجهم من سحن المعاناة المتعددة الوجود والالوان التي يُحبَسون خلف قضبانها. فالناس تشكو ممّا آلت اليه أحوالهم، التي هي انعكاس لحال بلدهم المهترىء على كل المستويات، حتى صار وكأنه يعيش بالصدفة ويتنفّس رغماً عنه، فيما تستفحل السموم القاتلة التي تنخر جسمه اقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً وبيئياً، ناهيك عن الفلتان السياسي الذي يضرب عميقاً في التخاذل والاستلشاء، وهنا الباعث والمسبّب الأساس لكل تلك السموم، وأخطرها الفلتان الاخلاقي الذي يُرهب الناس بالتسيّب وفوضى اللصوصية والسرقات والجرائم في كل مكان”.

السيد رئيس الحكومة إن “أسوأ عناوين الفلتان هي افتقاد الناس للراعي الصالح الذي يضع همومهم وأولوياتهم فوق كل اعتبار. وانّ من يفترض ان يشكو الناس إليه، هو المَشكو منه، الذي يبدو انه يعيش في كوكب آخر يصمّ آذانه إلّا عن مصالحه، ويحقق رغباته التي يريدها لنفسه فقط، ومن بعده الطوفان”.

خلاصة ،السيد رئيس الحكومة”في ظل هذا الوضع، وفي ظل العقلية القائمة لحكومتكم، وفي ظل هذا الوضع يصبح الكلام عن إيجابية أشبَه بنكتة سخيفة، فضلاً عن انّ لهذه المُفرَدة حكاية طويلة وقديمة مع المغاربة، الذين اعتادوا سماع هذه الاسطوانة بين حين وآخر، وتأكد لهم تكرارها انّ هذا النوع من الايجابية، ما هو سوى تعبير كلامي يَستبطن الهروب الى الأمام من الفشل، الغاية منه نَثر غبار في الاجواء الداخلية لحجب الرؤية عن حقيقة انّ الأمور ما زالت في مربّع السلبية”.