“تسييس الحج”،موضوع الساعة بعد الجدل الذي تفجر مؤخرا بين قطر والمملكة العربية السعودية.
تحول ما يعرف ب “تسييس الحج”، إلى موضوع الساعة بعد الجدل الذي تفجر مؤخرا بين قطر والمملكة العربية السعودية، على خلفية قول الرياض بأن الدوحة تنادي بتدويل الحج، بعد اتهامها للرياض باستخدامه سياسيا.
وكانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية (مستقلة)، قد قالت إنها خاطبت المقرَّرَ الخاص بالأمم المتحدة، المعني بحرية الدين والعقيدة، حول “العراقيل والصعوبات أمام حجاج دولة قطر من المواطنين والمقيمين، من أداء مناسك الحج”، الذي يبدأ الشهر الحالي .
وقالت اللجنةُ في بيان لها، إنها عبرت عن “قلقها الشديد إزاء تسييس الشعائر الدينية واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية”، وقد أدى ذلك إلى قول وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بأن المملكة ترى دعوة قطر لتدويل مناسك الحج على أنها إعلان حرب، ليخرج بعدها وزير الخارجية القطري، نافيا أي دعوة قطرية للتدويل ويقول “لم يصدر أي تصريح من أي مسؤول قطري بشأن تدويل الحج، كما لم يتم اتخاذ أي إجراء من شأنه النظر في قضية الحج كقضية دولية”.
إحياء لجدل قديم
ويمثل الجدل الأخير بشأن تسييس مناسك الحج، إحياء لجدل قديم تفجر في أكثر من مناسبة وخلال أكثر من موسم، مع العديد من الدول الإسلامية كالعراق وسوريا وليبيا وغيرها، وكانت وزارة الأوقاف السورية قد أكدت في بيان لها مؤخرا، على أن السلطات السعودية تستمر في حرمان المواطنين السوريين من أداء فريضة الحج لهذا العام أيضاً، بسبب قيامها بتسيس هذه الفريضة على حد قولها.
غير أن إيران ربما تكون صاحبة الحالات الأكبر، في هذا المجال إذ أنه ومنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، يكاد لا يمر موسم للحج إلا ويشهد مناكفات من هذا القبيل، وهو ما حدا بإيران إلى دعوة قديمة تتجدد مع كل عام، بتدويل المشاعر المقدسة في المملكة العربية السعودية، بحيث تتم إجراءات الحج تحت إشراف هيئة إسلامية تضم وفودا من العديد من الدول.
ورقة ضغط
يقول الدكتور حسن هاني زاده الكاتب الصحفي الإيراني في حديث لنقطة حوار، إن السعودية تستخدم مناسك الحج، كورقة ضغط على بعض الدول التي لا تتواءم معها سياسيا، والتي لا تمشي في ركابها مثل إيران وقطر، وغيرها وهي في ذلك تقوم بتسييس مناسك روحية ودينية ومعنوية.
وفي رده على سؤال لنقطة حوار حول اتهامات الرياض لإيران بأنها هي التي سعت دوما لتسييس المناسبة عبر رفع حجاجها شعارات سياسية، يقول زاده إن طهران ترى أن الحج هو أكبر مؤتمر للمسلمين من أنحاء العالم، ومن ثم فإنه من الطبيعي أن يطرح هؤلاء المسلمون القضايا التي يعانون منها ويبحثونها، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني.
ويعرب زاده عن تضامنه مع موقف قطر ويرى أن السعودية هي التي سيست الموقف لأن قطر لا تنتهج سياسة موالية لها وأنها استخدمت الحج لتصفية حساباتها مع الدوحة.
ويخلص زاده إلى أن الحل الوحيد للتسييس السعودي لمناسك الحج، هو تشكيل هيئة إسلامية تحت إشراف منظمة التعاون الإسلامي، بحضور وفود من كل الدول الإسلامية تنظم وتشرف على مناسك الحج، وتوفر الأمن والراحة للحجاج دون تمييز على اساس مواقف سياسية وهو يرى أن ذلك ربما يكون مفيدا للسعودية، بالنظر إلى أنها لم تتمكن من توفير الأمن للحجاج على مدى السنوات الأخيرة، مما أدى إلى وقوع أحداث طالت العديد من الحجاج من جنسيات مختلفة على حد قول زاده.
وفي رده على سؤال حول مدى واقعية هذا الطرح، بالنظر إلى أن الأماكن المقدسة تقع جغرافيا ضمن الحدود السعودية، يقول زاده إن هذه الأماكن بالفعل موجوده جغرافيا في السعودية، لكن المناسك ليست ملكا للنظام ولا للحكومة السعودية وإنما هي ملك لكل المسلمين من أنحاء العالم.
مساعي للابتزاز
أما سليمان العقيلي الكاتب والمحلل السياسي السعودي، فيقول في حديث لنقطة حوار، إن المملكة العربية السعودية لم تمنع أي مسلم من الحج أو العمرة أو الزيارة، في أي زمن أو في أي تاريخ ويضيف العقيلي أن المملكة ومنذ توحيدها عملت على تسهيل وصول الحجاج، عبر جهد كبير في استتباب الأمن من خلال قمع الخارجين عن القانون وقطاع الطرق، والمعتدين على قاصدي بيت الله الحرام ومن ثم عملت فيما بعد، على تسهيل وصول الحجاج عبر تطوير الموانئ البحرية والجوية وتعبيد الطرق وأنفقت مليارات الدولارات في ذلك.
ويقول العقيلي إن الذين سيسوا الحج، هم الذين لهم خلافات سياسية مع المملكة العربية السعودية، وأنهم يسعون عبر ذلك إلى ابتزاز المملكة ومساومتها والضغط عليها، ولي ذراعها عبر الإساءة إلى سمعتها.
ويعرج العقيلي على ما حدث مع قطر، فيقول إن السعودية لم تمنع فقط سوى استخدام الخطوط الجوية القطرية في الحج، لكنها رحبت وترحب بالحجاج القطريين كما ترحب بكل الحجاج من كل الدول الإسلامية على حد قوله.
وفيما يتعلق بالطرح الذي تطرحه دول مثل إيران بشأن تدويل الحج، يقول العقيلي إن المملكة العربية السعودية ترى خدمة الديار المقدسة تشريفا لها، وهي وعندما تنفق المليارات من أجل خدمة الحجاج، فهي تنفقها أيضا من أجل وحدة الأمة الإسلامية، ويعتبر العقيلي أن طروحات من هذا القبيل بشأن التدويل، إنما يراد بها تفتيت المملكة وتشطيرها تحقيقا للأطماع الأجنبية في الجزيرة العربية.
ويقول العقيلي إن هناك غزوة سياسية وعسكرية على الجزيرة، ومخططا لتقسيمها على حد قوله، ويشير إلى أن إيران تردد ذلك الطرح لأنها تعرف أن أقوى دولة تقف في وجه أطماعها في المنطقة، هي المملكة العربية السعودية ومن ثم فهي تسعى لضعضعتها، لكنها لن تنال هذا المقصد على حد قوله.
تعليقات 0