جريدة نبأ نيوز

إنطلاق فعاليات مهرجان أسبوع الجمل بكلميم .. تكريس للمكانة الرمزية والوظيفية للإبل في المجتمع الصحراوي

أولت إدارة مهرجان “أسبوع الجمل” بكلميم، الذي انطلقت فعالياته منذ يوم أمس السبت 22 يوليوز، عناية كبرى ل”الجمل”، من خلال تنظيم مسابقات لإنتقاء أجود الأصناف وسباق الهجن وغيرها من تمظهرات الاهتمام، اعتبارا لكون الابل تحتل مكانة هامة عند أهل الصحراء, فهي جزء من تراثهم وثقافتهم, وتعد مصدرا للرزق ورمزا للوجاهة والقوة, ومنبعا للفخر ووسيلة للتنقل والترحال والحرث وعتاد للحرب.

وتعتبر تربية وتجارة الابل مصدر رزق 20 ألف أسرة مغربية، يعيش معظمها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وتحتل جهة كلميم وادنون المرتبة الثانية بعد جهة العيون من حيث عدد الإبل، البالغة في مجملها بالمناطق الجنوبية أكثر من 200 ألف رأس.
وعلاوة على ذلك،  تكتسب الابل مكانة مهمة في المجتمع الحراوي، بفعل تأقلم الإبل مع المجال الصحراوي وصبرها وقوة تحملها وقيمتها الإنتاجية والغذائية كأحد مصادر اللحوم والحليب والوبر والجلد، فضلا عن كونها تتمتع بطبائع هادئة وذات ذكاء متميز.
ومما يزيد من هذه الحظوة حضور الإبل الوازن في وجدان المجتمع الصحراوي, فهي مهر العروس وعقيقة المولود وفدية لتعويض المتضررين, كما “تعد أعلى مرتبة الكرم بالصحراء، فإذا ما نحر الرجل لضيفه بعيرا اعتبر ذلك قمة الكرم والإكرام”.
وعلاقة الإنسان الصحراوي بالإبل قديمة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، فهي رفيقة له في حله وترحاله وقيل عنها “إذا خاف صاحبها اضطربت، وإذا شعرت بحاجة أهلها للرحيل خوفا من خطر قادم شنفت آذانها ومدت أعناقها تتحسس مصدر الخطر وأحيانا تجدها تنذر أهلها بالخطر والرحيل قبل وقوعه فيدرك صاحبها أن هناك عدو قادم فيستعد له”.
وقال باحث في الثقافة الصحراوية، في تصريح سابق لبض وسائل الاعلام، أن “الحسانيين يحبون إبلهم بشكل طقوسي واسع، يعشقونها كعشقهم للمرأة والشاي والمكان, ويتغنون بها ويمجدونها في أشعارهم ويهونون أنفسهم دفاعا عنها ويضربون بها الأمثال في الغيرة والثأر وعدم نسيان الإساءة والصبر وحب الوطن والخبرة في الأرض والهداية للطريق…

من جهة أخرى، اعتبر باحث في مركز للدراسات، أن  “الجمل ظل رديفا للإنسان الصحراوي في جميع مراحل حياته حتى في مدنيته الحديثة، فهو لا يزال يستعملها في المهور وفي الولائم, وهذا يدل على ذلك الترابط المتين الذي يربط بينهما”.
وأضاف أن “الإنسان الصحراوي عانق جمله كصديق ومؤنس يحاجيه أحيانا ويسائله ويكرمه أحايين أخرى وأحيانا يطلق عليه من الأسماء ما لم يطلقه على أبنائه نظرا للعلاقة التي تربطه وإياه”.
وقال “إن الإبل تدخلت في حياة الإنسان الصحراوي بشكل أساسي وفي كل شيء في رحلاته وأفراحه وأحزانه وكل مناحي حياته ألبسها أيما حلة وأجمل الحلل بشعره الحساني الطروب، مدحه فقايضه بأشياء ثمينة من أجل الحصول عليه”.
ولم يقتصر دور الإبل على الجانب الوظيفي فقط بل شكلت جزءا من الموروث الثقافي الصحراوي، ورمزا من رموز الثقافة المحلية وأحد ملامحها الحضارية والبيئية التي تحظى بقيمة كبيرة لدى أهل الصحراء.
كما تبوأت بحضورها الدائم في المخيال الشعبي محورا اساسيا في العادات والتقاليد التي تستمد جذورها من الثقافة الصحراوية وكذا في التعبيرات الأدبية التي تحفل بصور دقيقة عن الجمل وتنقل واقعا يتجاوز دوره الوظيفي إلى العلاقة الودودة بينه وبين الإنسان الصحراوي.

ويضطلع هذا القطاع بدور أساسي ومحوري بالنظر لمكانته التاريخية وما يرتبط به من أنشطة في حياة السكان الذين وجدوا في هذا القطاع مزودا أساسيا لحاجياتهم من اللحوم والحليب والوبر والجلود.