مراكش: جهود أمنية محمودة ومقاربة اقتصادية تفليسية، والمحصلة تنامي الجريمة،الدعارة والقوادة العلنية بالمقاهي الراقية مع انتشار مقاهي الشيشة والقمار و عدم احترام المطاعم والملاهي الليلية أوقات العمل ..
بالرغم من الجهود الأمنية الكثيفة التي تقوم بها مختلف المصالح الأمنية التابعة لولاية أمن مراكش، في محاربة الجريمة والتصدي لها من خلال اعتمادها لجميع المقاربات (الزجرية والتوعوية والتربوية والتأهيلية وووو الخ).
وبالرغم من أن حصيلتها في مجال مكافحة الجريمة وإيقاف المبحوث عنهم مشرفة جدا لا من حيث السرعة والفعالية، ولا من حيث التفاعل مع المجتمع المدني والساكنة، ولا من حيث دقة الخطط ولا من حيث احترامها لمعايير حقوق الإنسان ولا من حيث الانجازات التي تبرزها أرقام حصيلتها، فإن وضع مراكش أصبح كارثيا لا يطاق بسبب ازدراء الوضع الاقتصادي وتدني مستوى القطاع السياحي وانتشار فاضح للدعارة والقوادة بمقاهي معروفة بشارع محمد الخامس وليفيرناج أمام الملأ ،انتشار شقق وفلل للدعارة الخليجية و انتشار مقاهي النرجيلة (الشيشة) والقمار لأحياء شعبية خارج الاطار القانوني وتزايد بيع أقراص الهلوسة والتنفيحة حيث، أينما اتجهت تجد في طريقك قطاع الطرق وناشلي الجيوب وحاملي الأسلحة البيضاء والمقرقبين خصوصا على مستوى الأحياء الشعبية وعلى مستوى بعض المحاور بالأحياء الراقية وما يزيد الطينة بلة عدم احترام المطاعم والملاهي الليلية أوقات العمل .
تفشي الجريمة بمجتمع مدينة مراكش أصبح موضوع حديث المقاهي ورواد العالم الافتراضي الازرق وموضوع انشغال النسيج الجمعوي المراكشي، ويؤرق هواجس كل أسرة وكل زائر ووافد على هذه المدينة.
إن تفشي الجريمة وتحويل مراكش من عاصمة سياحية وعلمية إلى حاضنة للمجرمين وخليط من الكائنات الأدمية الغريبة في أشكالها وفي فيزيولوجيتها، يبرز لنا الحقائق التالية:
أولا: أن الذين تعاقبوا على تدبير شؤون مدينة مراكش لم تكن لديهم أي رؤية استراتيجية وأي رؤية مستقبلية لمستقبل المدينة وساكنتها، بل ساهموا بطريقة أو أخرى في استنزاف خيرات المدينة وتدمير منشآتها الاقتصادية والسياحية والاجتماعية بالتحالف مع فيروسات أدمية تم دسها في أحزاب سياسية وفيروسات بقبعات نقابية ساهمت في تدمير المنشآت الاقتصادية والسياحية وتفليسها وقتلها واغتيالها .
ثانيا: إن البرامج التعليمية والمنهجية الديداكتيكية المعتمدة في المناهج التعليمية والتي يتم إفراغ محتوياتها في عقول ناشئتنا أعطت مفعولا عكسيا لقيم التربية والتكوين، إذ أن غالبية النشطاء في ميدان الجريمة انقطعوا عن الدراسة من الاسلاك الاعدادية والثانوية ومنهم من يزالون يتابعون دراستهم.
ثالثا: تسجل الجمعيات والمراصد المهتمة بمتابعة الشأن العام المراكشي أن معدل الجريمة يرتفع مباشرة بعد كل مناسبة دينية ووطنية، مما يطرح تساؤلا عريضا ومحيرا لدى الرأي العام عن السر في ذلك، ليستنتج الجميع أنه عند كل مناسبة يتم الافراج عن أفواج مهمة من السجناء في إطار العفو الملكي ، وهو ما يعني أن المعفو عنهم يستأنفون نشاطهم الاجرامي مباشرة بعد خروجهم من أسوار السجن؟ وهو ما يطرح سلسلة من التساؤلات الأخرى تستدعي مناقشة الموضوع ومقاربته من طرف أهل الاختصاص ورجال القانون وممثلي الجمعيات وإعادة النظر في معايير الاستفاذة من العفو الملكي.
رابعا: سؤال يطرحه الرأي العام المراكشي …من يرخص بفتح مقاهي للشيشة بجوار بعض المؤسسات التعليمية ؟ هل هذا السلوك مقصود أم يأتي صدفة؟
خلاصة واستنتاج
إذا لم تتدارك الدولة وقطاعاتها الحكومية الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي، فإن طوفان الجريمة سيصبح غير متحكم فيه، لأنه يفوق طاقة وقدرات المصالح الأمنية التي يضحي نساؤها ورجالها بحياتهم وبوقتهم على حساب سعادة أبنائهم، لأجل طمأنينة الناس وأمنهم وسلامتهم وسلامة ممتلكاتهم،وهنا لا يسعني إلا أن أثمن بالجهود الأمنية الكبيرة والفعالة في توفير الأمن .
إذ أن مشكل الجريمة يستمد قوته من غياب التنظيم الاقتصادي المفتقد لأي رؤية مستقبلية وتراكم الثروات في أياد معدودة وتبييضها في المشاريع العقارية وتفليس المنشآت الاقتصادية وارتفاع معدل البطالة وتدني مستوى التعليم وجودته، وارتفاع تكاليف العيش في ظل استمرار تجميد الاجور، والمسخ الاعلامي ،وهناك عوامل أخرى كثيرة .
لأجل هذا الغرض فإن النسيج الجمعوي يدق ناقوس الخطر من خلال شعارات دونها على ألبسة ، ويطالب بضرورة نهج سياسة اقتصادية واجتماعية قوية وتمكين الشباب الحامل للشواهد العليا من فتح مقاولاتهم الذاتية ومواكبتهم وتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لهم وضرورة محاسبة كل من يشتبه في تورطه وضلوعه في هدر المال العام وتبديده.
تعليقات 0