عندما تَقِفُ الكلمات في مُجتَمَعات الوجه الزائِف!!!

لا أجِد أدقُّ وأعمَقُ مِن مُصطلح ” التكوين العكسي الفرويدي ، لوصفِ ما يعيشُهُ البعض مِن تدن أخلاقيّ . من فرط تكوين عكسي يقوم على افتراض أن : ” الغرائز ومشتقاتها من الوصولية والانتهازية والتمحور على الذات المصلحية ربما تنتظم في شخصيته على شكل أزواج متضادة في تكوينه النفسي:فيوثر الأنا – ولولم يكن ذلك مستحقا , ولا مناسبا لمقاس شخصه ,مقابِل حقوق الآخر- ولو كان نصيب هذا الآخر من الحق مستحقا- ، ويوثر في سبيل ذلك التدمير العلائقي مقابِل البناء ، والسلبيّة مقابِل الايجابية ، والهيمنة مقابِل احترام الآخر، وهكذا رغم ما يولّد هذا التناقض من قلق عبر ممارسة الأنا Ego إما مباشرة أو عن طريق الأنا الأعلى Superego ، فإن التركيز المُزعِج للأنا عنده يحاول تحويل الباعث لانتهازيته عبراظهار نقيضها . فمثلاً ، إذا كانت مشاعِر الكراهية نحو شخص آخر تولّد القلق ، فإن صاحب الأنا يبعث سيلا من الحُب الزائف لحجب الكراهية الدفينة. وكذلك المصلحة : فالخاصة الضيقة عنده مقابِل العامة المشروعة ،…وحيث لا يوجَد ضمير حقيقي بعمقه ومرونته وانفتاحه وروحانيّته وحريّته وإنسانيّته ونبله ، بل السطحيّة والتصلّب من أجل المصلحية واللاانسانيّة والأحاديّة ، فإن ذلك يولِّد قلقاً كبيراً في العلاقات الاجتماعيّة المُتحرّكة في سياقٍ مُشبَعٍ بالتراث القيمي للعلاقات والأخلاقيات ، ومما يدفع الانتهازي و المصلحي للإغراق في إثبات عكس ما يظهر ، – أنا وبعدي الطفان – في محاولات مستميتة لتأكيد الأنانية والخسة والدناءة ، لدى هذه الشخصية المزدوجة القناع العاجِزة عن تجسيد االقيم والعلاقات الانسانية الحقيقية ، بجماليّاتها وروحانيّاتها ، إذ أنها تخترِع تمظهرات زائفة ووجها زائِفاً وعلاقات، تُعدّه حقيقياً ، وتبدأ بإعلانِهِ للعموم واختلاق سيناروهات صيانته ومحاربة ومراقبة والدعوة لمعاقبة أدنى خروجٍ عنه ، لكن في الواقع الحقيقي نجدها وهي تتمظهرعلى أنها أشدّ دُعاة االالتزام بالقيم هم أكثر الناس ابتعاداً عنها ….ان الذين لا يدّعون ذلك هم أكثر الناس التزاما بنبل العلاقات الانسانية نبلاً حقيقياً , والمتمظهرين المرائين هم أكثر الناس مجانبة للنبل. ولما كانَت الفئة الصاخِبة هي الأكثر الساحقة ، بينما الفئة الهادِئة هي الأقليّة النادرة ، فبلا شك سيسود وسيزدهر الضمير الزائِف ، وسيذوي وينحسِر ويتراجَع الضمير الحقيقي ، وستتحوّل العلاقات مِن حُب وانفتاح وعمق علائقي ومعرفة الحق والواجب واحترامهما ومن أخلاقيّات مُطلَقة إلى مظهريّات وطقسيّات تقليدية باهِته ، فيتحوّل الوازع من العلاقات مِن بانٍ للحياة إلى هادِمٍ للحياة ….
خُذوا علاقاتكم وصداقاتكم مِن مُجسّديها : مِن الأقليّة الهادِئة ، وليسَ مِن مُدَّعيها ، فعند الأقليّة تجدون النفوس النبيلة التي ذابَت في الله فقدَّست العلاقات الإنسانية !!!
تعليقات 0