جريدة نبأ نيوز

عمدة مراكش ورفاقه يعيشون الأمرين ،بعد اختفاء الشركة الصينية المكلفة بتزويد المدينة الحمراء بالحافلات الصديقة للبيئة .

نبدأ مقالنا هذا بحكمة مشهورة من رجل عظيم وحكيم قال:
” لم أندم في حياتي مثلما ندمت على الثقة التي وضعتها في أناس لم يستحقونها “.
في مبرر لا يمكن وصفه إلا بـ”العذر أقبح من الزلة”، أكد عمدة مراكش ببساطة أن الشركة الصينية المكلفة بتزويد المدينة الحمراء بهذه الحافلات الصديقة للبيئة “اختفت عن الأنظار”، كما لو أنها تاجر خردة جمع بضاعته واختفى من “الجوطية”، وليس شركة معروفة على الصعيد الدولي، كما وصفها العمدة مباشرة بعد عودته من الزيارة الميمونة لجمهورية الصين الشعبية بعدما اطلع رفقة مدير ديوانه على نماذج من هذه الحافلات، حيث وعد المراكشيات والمراكشيين بوصول الدفعة الأولى من الحافلات شهر غشت 2016 والدفعة الثانية قبيل انطلاق مؤتمر التغييرات المناخية “كوب22”.
وبحسب العمدة فإن الشركة الصينية رفضت الرد على اتصالاته، قبل أن تتمكن وزارة الداخلية من “إيجادها”، حسب العمدة، حيث حضر ممثلها إلى المدينة الحمراء، الأسبوع الماضي، والتزم أمام والي جهة مراكش آسفي، وبحضور العمدة بتسليم الحافلات قريبا، ومن المقرر، حسب العمدة دائما، أن ينطلق المشروع خلال شهر أبريل المقبل، وهو ما تكذبه الأشغال المتوقفة لتجهيز الخط الأول لهذه الحافلات.
ولم يجرؤ عمدة مراكش على الاعتراف بأخطائه وأخطاء فريقه في حزب المصباح، الذين يشرفون على تدبير شؤون المدينة، ذلك أن تعثر المفاوضات مع الشركة الصينية كان واضحا منذ الشهور الأولى، قبل أن تختفي وترفض الرد على اتصالات العمدة، لكن السؤال الذي لم يجب عنه عمدة “البيجيدي” هو لماذا أبرم يونس بنسليمان، نائبه الأول صفقة تفاوضية مع شركة أخرى من أجل تزويد الخط الأول لهذه الحافلات بأسلاك كهربائية ومحطة لتزويد الحافلات بالطاقة؟، بالرغم من تعثر المشروع، وهي الصفقة التي كلفت ثلاثة ملايير و900 مليون سنتيم.
إن اللجوء إلى صفقة تفاوضية بدل عروض أثمان، كان مبرره هو انطلاق المشروع قبل (كوب22)، وبما أن الشركة قد اختفت فهذا يعني أن المشروع لن ير النور قبيل هذا المؤتمر، وهو ما ينعي أن أسباب ودواعي اللجوء إلى صفقة تفاوضية قد انتفت، وبما أن النائب الأول للعمدة أصر على إبرامها فهذا يعني أنه خرق القانون وتسبب في تبديد المال العام، كما جاء في شكاية الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب المقدمة إلى الوكيل العام بمحكمة جرائم الأموال، والتي طالبت من خلالها بالتحقيق مع العمدة ونائبه الأول في شأن تورطهم في تبديد المال العام من خلال إبرام حوالي 50 صفقة تفاوضية خارج القانون كلفت حوالي 28 مليار سنتيم من المال العام.
ومن بين الحقائق التي أخفاها العمدة وهو يوضح أسباب تعثر هذا المشروع، تتمثل في كون المجلس الجماعي، وقبل التعاقد مع هذه الشركة، لم يبحث عن شركات أخرى مماثلة من أجل الحصول على نوع جيد وبتكلفة أقل، بل كان كل همه رفقة فريقه في حزب العدالة والتنمية الذي يسير المدينة، هو أن يقول للمشاركين في قمة كوب22 إننا انخرطنا في المشاريع الصديقة للبيئة، قبل توصيات قمة كوب22، مهما كلفه ذلك من ملايير من المال العام.
وكان أطر وموظفي المجلس الجماعي لمراكش، قد أنجزوا دراسة حول المشروع، حددت طول الحافلات الجديدة التي ترغب في اقتنائها المدينة في 24 مترا، قبل أن تخبر الشركة مسؤولي المدينة بأنها لا يمكنها توفير إلا حافلات ذات طول لا يتعدى 18 مترا، غير أن المجلس توصل فقط بـ10 حافلات كدفعة أولى لا يتجاوز طولها10 أمتار، ومع ذلك فإن نائبين للعمدة برفقة مديرة الشركة وقعوا على وصل التسليم بالرغم من عدم التزام الشركة الصينية بتعاقداتها.
عمدة مراكش وهو يطأطئ رأسه رفقة نوابه أمام الشركة الصينية، ضرب عرض الحائط بالهدف الرئيسي من هذه الحافلات ذات الـ24 مترا طولا، إذ أن الدراسة التي أنجزها أطر المجلس الجماعي، هدفها الأساسي هو التخفيف من الاختناق المروري بأهم شوارع المدينة، وذلك عبر توقف حافلات النقل “ألزا” عند مدخل مدينة مراكش من جهة الصويرة وأكادير، وتتكلف الحافلات الكهربائية الجديدة بإيصال الركاب القادمين من شيشاوة وباقي الجماعات القروية الأخرى إلى منطقة باب دكالة مرورا عبر مقاطعة المنارة ومقاطعة جليز. ومع قبول عمدة مراكش حافلات لا يتعدى طولها 10 أمتار تلاشى هدف الدراسة التي أنجزها موظفو المجلس الجماعي، والمتمثل في التخفيف من الضغط على حركة السير، بالرغم من الكلفة الباهظة للمشروع التي قاربت 24 مليار سنتيم.
وبحسب الدراسة التي سبق لموظفي المجلس الجماعي ان أنجزوها، فإن كلفة المشروع محددة في 20 مليار سنتيم، حيث سبق لوزارة الداخلية أن قدمت دعما ماليا لإنجازه، حدد في 06 ملايير سنتيم، وساهم مجلس جهة مراكش آسفي بـ02 مليارين من السنتيمات، والمجلس الجماعي لمراكش ساهم بمليار و400 مليون سنتيم، والباقي، أي حوالي عشرة ملايين و600 مليون سنتيم سيكون عبارة عن قرض بنكي، بالإضافة إلى ثلاثة ملايير و900 مليون سنتيم، كلفة الأحبال الكهربائية ومحطة تزويد الحافلات بالطاقة الكهربائية.
عمدة مراكش وهو يتحدث، في الندوة الصحفية السالف ذكرها عن مشروع القرن، لم يوضح أسباب تعيينه لمديرة على رأس الشركة التي ستشرف على تدبير هذه الحافلات، مقابل 40 ألف درهم شهريا دون احتساب التعويضات الأخرى، بالرغم من تعثر المشروع، كما عين ثلاثة من نوابه ومن حزبه أعضاء بالمجلس الإداري لهذه الشركة، وكلهم يحتكمون على مهام ومسؤوليات متعددة، ويتعلق الأمر بكل من المستشار البرلماني والكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية “عبد السلام السيكوري”، الذي يشغل أيضا مهام نائب العمدة ورئيس مقاطعة جليز، إضافة إلى وظيفته الأساسية كأستاذ جامعي، ثم البرلماني والكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية “محمد توفلة”، الذي يشغل أيضا مهام نائب العمدة و رئيس مقاطعة المنارة إضافة إلى مهامه كمدير مدرسة ابتدائية، وأخيرا أحمد المتصدق، الأستاذ الجامعي الذي يشغل أيضا مهام نائب العمدة بالإضافة إلى كونه عضوا بالمجلس الإداري لشركة “أفيلمار” .