جريدة نبأ نيوز

الغلوسي :هل من تحالف ممكن مع جماعة العدل والإحسان وتيارات الاسلام السياسي؟

ذ محمد الغلوسي ،

مناسبة هذا القول هو النقاش الدائر اليوم حول إمكانية تحالف اليسار مع جماعة العدل والاحسان لإحداث إنتقال ديمقراطي ببلادنا
بداية لابد من التأكيد على ان تحالفا من هذا النوع لم يكن ضمن أجندات وبرامج اليسار على الإطلاق اذ ان اليسار كان ولايزال يعتبر ان التحالفات تحتاج الى رؤية ايديولوجية وسياسية واضحة ،وطرح هذا الموضوع للنقاش من طرف البعض في هذه الظرفية ودون سياق او مقدمات تفرض طرحه لايؤدي إلا الى المساهمة في خلط الأوراق ونشر الغموض وتعقيد مهام القوى المناضلة من اجل التغيير الحقيقي
جماعة العدل والإحسان من جانبها لم تطرح هذا الموضوع بشكل رسمي وفق أرضية واضحة المعالم كما انها لم تسعى الى إعادة النظر في الكثير من مواقفها وآرائها ضمنها ما يتعلق بإشكالية الديمقراطية والسلطة والثروة وحقوق الانسان والحريات العامة وطبيعة الدولة وحقوق المرأة وغيرها من القضايا المجتمعية الاخرى ،كما أن سلوكها السياسي لا يؤشر على أي تحول في ممارستها ويكفي هنا ان نستحضر كيف انها تسعى جاهدة خلال المسيرات الى ان تعزل نفسها عن باقي المكونات الوطنية والديمقراطية الاخرى ومحاولة الظهور بمظهر الهيمنة على كل شيء واستعراض القوة وبعث الإشارات الى كل الجهات المعنية ورفع شعارات معادية لبعض الطوائف ذات المعتقدات المخالفة للإسلام ،وهي منشغلة أكثر بقضية القومة والأمة وفق طروحات عفا عنها الزمن، والوطن بالنسبة اليها كما بالنسبة لباقي التيارات الأصولية لا يعني أي شيء
إن طبيعة جماعة العدل والاحسان ومعها باقي تيارات الاسلام السياسي قد ابانت التجربة والتاريخ انها تتعامل مع التحالفات بشكل براغماتي محض ان لم نقل انتهازي ،وكل أدبياتها تعادي الديمقراطية فكرا وسلوكا ولنا في جماعة الاخوان المسلمين بمصر خير مثال على ذلك
،كما ان كتابات الراحل عبد السلام ياسين خاصة كتابه حوار مع الفضلاء الديمقراطيين يوضح نظرة الجماعة الرجعية لقضية الديمقراطية
لامبرر اليوم على الإطلاق لطرح مثل هذا الموضوع للنقاش ،وليست هناك أية ضرورة للدخول في اي تنسيق او تحالف مع جماعات الاسلام السياسي والتي لم تقدم لحدود الآن على أية مراجعات من شأنها إنعاش النقاش الفكري والسياسي حول التغيير الديمقراطي ببلادنا

على اليسار ان يتعامل مع التحالفات بشكل مبدئي وفق رؤية برنامجية واضحة واهداف واضحةضمن جبهة ديمقراطية للنضال من اجل قلب موازين القوة لصالح الطبقات الشعبية ذات المصلحة في إحداث انتقال ديمقراطي حقيقي، ولايمكن بشكل مطلق ان يقبل بنظرية الحشد الشعبي لمواجهة اي خصم كيفما كان تلك هي قيم ومبادئ اليسار وما دون ذلك هو سباحة ضد التاريخ وقوانينه .