جريدة نبأ نيوز

إصلاح النيابة العامة مفتاح إصلاح القضاء بالمغرب

من الأخبار التي نشرت هذا اليوم في جرائد وطنية ، أن الحكومة المغربية تسعى إلى الاستفادة من التجربة الإسبانية في مجال القضاء وإصلاحه في المغرب، حيث تم طرح هذا الموضوع خلال اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ووزير العدل محمد أوجار ، مع وزير العدل الإسباني رفائيل كاتالا، يوم الإثنين المنصرم، ..
وفي هذا الصدد أدلى بعض المتتبعين للشأن القضائىي بملاحظات جوهرية فيما يتعلق بإصلاح القضاء في بلادنا، يعتقدون أنه لا يمكن تحقيق أي إصلاح له بدون الوقوف عندها وتقنينها ، وهي المتعلقة بالصلاحيات المطلقة الممنوحة للنيابة العامة في المغرب .
فالنيابة العامة في المغرب يقول متحدث له دراية بالشأن القضائي تشكل حالة لا مثيل لها في العالم، وذلك بدليل حسب التوقيفات والاعتقالات التي طالت مؤخرا بعض القضاة ونواب عامون للملك بسبب الرشوة أو تغيير مسرى دعاوى ومتابعة ابرياء بعقوبات حبسية ، إذ هي المؤسسة الوحيدة التي لها صلاحيات غير مقننة، والتي لا يمكن الاعتراض على مقرراتها أو استئنافها، ولو كانت جائرة أو متحيزة بشكل سافر، وهي المؤسسة الوحيدة التي لا ينطبق عليها ربط المسؤولية بالمحاسبة،
كما أن الصلاحيات الممنوحة للنيابة العامة في المغرب تفتح للفاسدين من قضاتها مجالا واسعا للاغتناء السريع غير المشروع؛ خاصة بالنسبة لحفظ الشكايات ، حيث يستطيع المجرم الثري أن يعطي عشرات الملايين رشوة لتحَفظ الشكاية ضده، فلا يتابع في دعوى عمومية، خاصة إذا كانت الشكاية تتعلق بجريمة جنائية ؛ وليس للمواطن الذي هُضِم حقه في فتح تحقيق قضائي نزيه ضد المشتكى به أيُّ باب يطرقه لاسترجاع ذلك الحق المغتصب، وكما لا يمكنه ان يتجه إلى أي وجهة أخرى لتقديم شكايته خارج نفوذ تلك النيابة العامة التي هضمت حقه وحفظت شكايته عنوة وتعسفا، فعرقلت بذلك سير العدالة، وشجعت الجاني على التمادي في جرائمه مادام مبلغ من المال يكفيه للتخلص من المتابعة في الدعوى العمومية، وهدرت حق المجني عليه في العدالة ،كما انها لا تجتهد في تقصي الحقيقة وإلغاء متابعات لا أساس لها من الصحة سوى ان مقدم الشكاية من المعارف الكبيرة وتبدأ في الاجتهادات لاغراق ضحية في متاهات المتابعات الفارغة والاصرار على متابعته في جلسات المحكمة بعقوبات خيالية لارضاء الطرف الدافع .
فكيف يمكن إصلاح قضاء بنيابة عامة هذه بعض عيوبها وخصائصها؛ لأنه رغم تأكدنا من وجود قضاة شرفاء ضمن رجالاتها، إلا أننا لابد في كل إصلاح أن نفترض أن يكون هناك رجال فاسدون ايضا ، لا يولون أي اعتبار لا للقسم، ولا للمصلحة الوطنية، ولا لراحة الضمير؟
..