مُتَرَبِّعاً على فِراشِي أرسمُ أهدافي على ورقة ..
أخَذَني ذاكَ الطلَبُ مِن مذيعٍ أستَمِعُ إليهِ ..قائلا
” هيّا أرسِلوا لي أحلامَكُم و أقصى أمانيكُم لِأقرأها على الهواءِ مُباشرة .. ”
ألقيتُ بِرأسي على ظَهرِ الكرسيِّ مُتأمِّلاً حركةَ السياراتِ والناس المارّينَ مِن أمامِ مَحلّي
و تأهبتُ لِأمتطي بِخيالي تلك الأحلامَ و الأماني
فأسافِرُ معها لِرحلاتِ صيدٍ في غاباتِ الأمازونِ
و أستَرخي في ظِلالِها على شواطئ هاواي
و أنقُشُ أشعاري على وجهِ القمر ..
بدأَت الأحلامُ تنهالُ على مَسمَعي كَجُرُعاتِ مُخَدِّرٍ تَتَفَشّى في دِماغي ..
_ أحلُمُ أن أتعالَج ..
_ أن أجِدَ عملاً ..
_ أن أتزوَّج ..
_ أن أدفَعَ رُسومَ تعليمي ..
_ أن آكُلَ لحما مشويا ..
_ أن أموت ..
قشعريرةٌ كَتِلكَ التي تَسبِقُ الموتِ أصابتني و سَبَحتُ في عالمِ اللا وَعي ..
لم أعُد أسمعُ صوتَ المذيعِ و لا هديرِ السياراتِ العابرةِ مِن أمامي
و لا حتى طَقطَقةً كانَ يُحدِثُها طفلٌ يلهو على الرصيفِ
و كأنَّ صمتاً رهيباً أصابَ الكَون .
فجأة،
أيقظني وَقْعُ أقدامِها مِن فوقِي
أطفأت المِصباحَ ، أشعَلَتْ شمعةً ،
رومانسية تُهيمِنُ على أجواءِ الغرفةِ الدافئة ،
مازالت تَتَجَمَّلُ مُتراقِصةً أمامَ مِرآتِها و شَذا عِطرِي يُغريها ..
” كان لك معي أجمل حكاية .. في العمر كله ”
تَهاوتْ نحوَ المرآةِ فالتَصقَ وجهُها بِوجهِها .. سَقَطَ المِشطُ مِن يَدِها ..
و مِن عَينيها سالتْ ذكرياتُ حُبٍّ قديمْ .
بقلمي
محمد أسامة الفتاوي.