كثيرون يراهم البسطاء حماة للوطن وتحقيق للأحلال، وهم في الحقيقة أدوات الحرب الحضارية العميقة التى ستقود إلى تفكيك مجتمعنا، وحينها لن يكون هناك مكان تتحقق فيه أحلام الحالمين
بقلم محمد أسامة الفتاوي،
قد يبدو ما سنتناوله في هذا المقال بعيدا بعض الشيء عن مواضيع الساعة عند البعض، إلا أنه يتفق مع جهودنا للتصدي للأكاذيب أو الخرافات خصوصا أنها مازالت منتشرة حتى الآن الى درجة انها تعتبر حقائق مسلم بها ،فلا تصدق كل ماتقرأ وما يبدأ كمجرد تفسير خاطئ قد يتحول الى حقيقة مزيفة وتجد لها القبول الواسع …
فنحن نحيا اليوم أزمة في تدبير المعنى نتيجة محنة سوء فهم تخص المواطن المغربي المنشغل داخل صراع محموم بين الأنا والآخر، والذي أفرز تصورات متباينة للظروف التي تغمر حياتنا السياسية والعادية ،
بعد أن ظل غارقاً وسط منظور انشطاري، وتجربة تخلو من سمو المعنى ليسقط في العدمية والعبثية ،وتحول إلى أدوات برجماتية لتسويغ وتبرير أيديولوجيات وسياسات حزبية، حيث تحول من كان يفترض فيهم انهم علماء سياسة إلى سياسيين وناشطين ووزراء ومستشارين ومذيعين، وخرج الكثير منهم عن وقار العلم، وتحول للدعاية البهلوانية فى قنوات محلية أو مواقع إلكتروتية أو جرائد ورقية وطنية…..
أصبح كل من يستطيع الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي عالما فى السياسة لا يشق له غبار، يفتى فى أحداث دولية ومحلية غاية فى التشابك والتعقيد، ولا يقبل عن رأيه بديلا ومن السهل أن يتهم المتخصصين بأي من التهم المعلبة الجاهزة، بحيث صار المواطنون أصواتاً عالية زاعقة بلا عقل أو منطق، والعالم من حولنا يخطط لنا، ويقرر لنا وينفذ ما يقرره، ونحن كمواطنين، بكل بلاهة، نشتبك فى معارك قررها الآخرون، وننحاز إلى خيارات هي من صميم مصالح أطراف خارجية، كل هذا يحدث جهاراً نهاراً بدون مؤامرة، بل فى واضحة النهار.
وللختام
هل نحن أمام مواجهة سياسية، أم مواجهة حضارية السياسة وجهاتها؟ هل تخلي الطرف الآخر عن حالة المواجهة ، والتعامل معها كعدو حضاري؛ أم أنه تغيير ذكي لأدوات الصراع، وهل توظيف الطرف الآخر لكي يتخلص الجيد منهم من الردىء، وهنا هو الذى سيحدد الجيد والردىء وليس المواطن؟
كثيرون يراهم البسطاء حماة للوطن، وهم فى الحقيقة أدوات الحرب الحضارية العميقة التى ستقود إلى تفكيك مجتمعاتنا، وحينها لن يكون هناك مكان تتحقق فيه أحلام الحالمين .
تعليقات 0