جريدة نبأ نيوز

موريتانيا تحاصر مد “التشيع الإيراني” .

في تصعيدٍ غير مسبوق احتجاجاً على التوغل الإيراني داخل مُجتمعها ونشر مَنْهَجِه الشيعي بالبلاد، الذي يعتبر جزءًا من خطتها التوسعية في المنطقة لبسط سيطرتها على دول الساحل وشمال إفريقيا، تَتَّجهُ موريتانيا إلى الانضمام إلى قطار الدول المقاطعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعدما تأكدت المساعي التي بدأتها الجارة الجنوبية مؤخرًا من أجل محاصرة النشاط الإيراني داخل نواكشوط، باستدعاء سفير طهران المعتمد لديها.

ورغم أن السلطات الرسمية في موريتانيا نفت في وقت سابق إغلاق أي مسجد شيعي أو وجود أي مشكلات مع إيران في هذا الصدد، مكتفية بالتأكيد أن المسجد المذكور يعمل فيه “إمام ينشر أفكارا متشددة وغريبة عن تقاليد وأصول مجتمعنا السني مالكي المذهب”، فإن عددا من المراقبين لا يستبعدون وجود أزمة صامتة بين موريتانيا وإيران يحاول حلحلتها بين الفينة والأخرى النظام الجزائري، الذي يعتبر أهم حلفاء الجمهورية الإسلامية في شمال إفريقيا.

وذكرت وسائل إعلام موريتانية أن السلطات منعت مؤخراً جميع الأنشطة المؤيدة لـ”حزب الله”، حليف إيران في لبنان، الذي تم تصنيفه من طرف نواكشوط كمنظمة إرهابية.

وتأتي هذه التطورات في وقت قررت المملكة المغربية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، التي تتهمها بتسليح وتمويل وتأهيل جبهة “البوليساريو” عبر حزب الله اللبناني.

وفي قراءته لأبعاد احتجاج الجارة الجنوبية ضد التوغل الإيراني “المشبوه” في الساحل الأطلسي، يرى عبد الرحيم المنار السليمي، رئيس مركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية، أن “حادث استدعاء السفير الإيراني في نواكشوط يعبِّرُ عن احتجاجٍ موريتاني على حملة الدعوة الشيعية التي تقودها إيران بدولة موريتانيا”.

وقال السليمي إن “السلطات الموريتانية أرادت في مرحلة معينة اللعب بورقة الشيعة لمواجهة خطر حملة التجنيد والاستقطاب التي كان يقوم بها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ولم تنتبه إلى أن إيران شرعت منذ سنة 2006 في بناء مشروع يقوم على أساس تحويل موريتانيا إلى منطقة شيعية”.

وأضاف الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإيرانيين يركزون على منطقة شمال موريتانيا بحكم الفراغ الديني الموجود هناك، إضافة إلى كون المنطقة مركز جاذبية اقتصادية”، وفق تعبيره.

ويبدو أن موريتانيا تتعرض لاختراق كبير من طرف إيران؛ فحسب الأستاذ الجامعي فإن “السلطات الإيرانية تدير خط الدعوة الشيعي من الأراضي الجزائرية لتخترق موريتانيا ومالي معا وغرب أفريقيا”.

وهنا يبدو أن الجزائر، يوضح السليمي، “لعبت دوراً كبيراً في التقارب الموريتاني الإيراني، الذي فتح المجال لاختراق الشمال الموريتاني”، وزاد: “ولعل هذا المشروع الإيراني في موريتانيا هو ما يشرح ظهور أئمة شيعة موريتانيين مثل بكار بن بكار، ويشرح أيضاً خروج دعاة موريتانيين مضادين لمشروع التشيع”.

وفي التصريح ذاته أبرز منار السليمي أن “انتباه السلطات الموريتانية إلى الخطر الإيراني الشيعي الذي يمتد في شمال موريتانيا جاء متأخراً”، مضيفا أنه “سيكون من الصعب على السلطات الموريتانية محاربة التشيع دون قطع العلاقات مع إيران التي باتت ثلاثة اتجاهات منها تحاول اختراق شمال البلاد: إيران الدولة التي يقودها روحاني، وإيران الثورة التي يقودها المرشد وتعمل على الاختراق بكل الوسائل، وإيران حزب الله والمليشيات المسلحة التي يقودها قاسم سليماني”.