طاطوش لفرقة جرائم الأموال :“الطابع الاستعجالي” الذي برر به عمدة مراكش ونائبه تمرير الصفقات التفاوضية تزامنا مع مؤتمر “كوب 22″ بغلاف مالي وصل إلى حوالي 28 مليار سنتيم ، “لا أساس له من الصحة” وخرقا للشفافية وتغييبا للمنافسة المفترضة في الصفقات العمومية .
فتحت فرقة جرائم الأموال، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، الأربعاء، بحثا تمهيديا في شأن إبرام مجلس المدينة، تزامنا مع مؤتمر “كوب 22″، صفقات تفاوضية بغلاف مالي وصل إلى حوالي 28 مليار سنتيم، اعتبرتها شكاية للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، “مخالفة لقانون الصفقات العمومية”، و”تم تمريرها بشكل تفاوضي مباشر مع عدد من المقاولات، بدعوى طابعها الاستعجالي، بالنظر إلى أن المدينة كانت تستعد لاحتضان قمة المناخ”.
البحث التمهيدي، الذي أمر به الوكيل العام للملك بمراكش، استهلته الضابطة القضائية بالاستماع، صباح الأربعاء، لرئيس المجلس الوطني للجمعية، “عبد الإله طاطوش”، في شأن اتهامه لعمدة المدينة بإلغاء بعض الصفقات العمومية وحرمان عدد من المقاولات من حقهم في الفوز بها، قبل أن يدخل نائبه الأول في تفاوض مباشر مع شركات بعينها ويمنحها امتياز إنجاز أشغال الصفقات نفسها، التي يقول المشتكي إن بعضها لازال لم ير النور بعد، أو إنها لازالت عبارة عن أوراش مفتوحة، بعد مرور أشهر طويلة عن المؤتمر، الذي تذرع المجلس الجماعي به لتمريرها.
مصدر مطلع أكد بأن الاستماع إلى المشتكي، استغرق أكثر من ثلاث ساعات، وتناول في البداية صفقة خاصة بإنارة شارع مولاي الحسن بكَليز جرت بتاريخ 21 أبريل من سنة 2016، قال المشتكي بأنه تم تحديد غلافها المالي في 357 مليون سنتيم، شاركت فيها خمس مقاولات، استبعدت شركتان منها لعدم استيفائهما لشروط دفتر التحملات، وأخبرت المتبقية بأن رئيس المجلس سيستدعي المقاولة الفائزة قصد استكمال الإجراءات الإدارية للشروع في عملها، قبل أن يعلن العمدة، بتاريخ 12 يوليوز المنصرم، عن إلغائها بشكل نهائي، معللا قراره بأن “المعطيات الاقتصادية والتقنية للخدمات موضوع الصفقة قد تغيرت بشكل جذري”، ليدخل بعدها نائبه الأول، النائب البرلماني يونس بنسليمان، في مفاوضات مباشرة مع شركة “إيسيليك”، التي لم يسبق لها المشاركة في الصفقة التنافسية، ويفوّت إليها إنجاز الأشغال بسعر وصل إلى 413 مليون سنتيم، أي بزيادة أكثر من 50 مليون سنتيم مقارنة مع العروض التي تقدمت بها الشركات المقبولة في الصفقة الأصلية.
صفقة أخرى تناولها البحث التمهيدي تتعلق بالإنارة العمومية بالمدارة الطرقية “باب الخميس”، فقد أوضح المشتكي بأنها كانت مقررة، بتاريخ 5 شتنبر الفارط، قبل أن يتم إلغاؤها عشرة أيام قبل ذلك، ويدخل النائب الأول للعمدة، مرة أخرى، في مفاوضات مباشرة مع الشركة نفسها، رافعا غلافها المالي من 143 مليونا إلى حوالي 500 مليون سنتيم.
واستنادا إلى المصدر نفسه، فإن المشتكي صرح أمام فرقة جرائم الأموال بأن النائب الأول للعمدة فوّت 16 صفقة تفاوضية خاصة بالإنارة العمومية لوحدها، وصلت قيمتها المالية إلى حوالي 4 ملايير سنتيم، فازت منها شركة “إسيليك” بست صفقات، تضاف إلى صفقة سابعة فازت بها مقاولة مملوكة لزوجة صاحب الشركة نفسها، وهي الصفقات التي قال بأنها بلغت حوالي مليارين ونصف المليار سنتيم.
وبخصوص الإنارة دائما، صرح المشتكي بأن النائب الأول، الذي يشغل أيضا رئاسة مقاطعة “مراكش ـ المدينة”، أبرم صفقة تفاوضية بـ 3 ملايير و900 مليون سنتيم، خاصة بوضع حبال كهربائية على جنبات شارع الحسن الثاني، في إطار مشروع الحافلات الكهربائية بالطاقة، مبررا لجوءه إلى التفاوض بدل الإعلان عن صفقة تنافسية بالتزام المجلس الجماعي بإطلاق الحافلات تزامنا مع “كوب22″، غير أن الحبال الكهربائية لم يتم الشروع في ربطها سوى بعد انتهاء المؤتمر بشهور، ليخلص المشتكي إلى أن “الطابع الاستعجالي” الذي يبرر به العمدة ونائبه تمرير هذه الصفقات التفاوضية، “لا أساس له من الصحة”.
المشتكي صرح، أيضا، بأن النائب الأول خصّ شركة واحدة، تُدعى (ج.ت.غ.ب)، بست صفقات تفاوضية، بلغت قيمتها المالية مليارين و480 مليون سنتيم، من أصل سبع الخاصة بصيانة الطرق بمناسبة “كوب 22″، فيما فوّت لمقاولة “السفياني” صفقة وحيدة لم يتجاوز غلافها 120 مليون سنتيم، مضيفا بأن الشركة المذكورة سبق لها أن فازت بصفقة تنافسية تحت عدد 120-2016، لإعادة تعبيد بعض الطرق بمبلغ وصل إلى 445 درهما للطن الواحد، قبل أن يفوّت إليها نائب العمدة نفسه، أسابيع قليلة بعد ذلك، صفقة تفاوضية أخرى تحت عدد 111-2016، بلغت قيمتها 800 درهم للطن الواحد، وهو ما اعتبره المشتكي “خرقا للشفافية وتغييبا للمنافسة المفترضة في الصفقات العمومية”.
في المقابل، أكد العمدة محمد العربي بلقايد، بأن الصفقات التفاوضية ذات الطابع الاستعجالي مسموح بها قانونيا، موضحا بأن الصفقات الواردة في الشكاية تمت في احترام تام للقوانين، وبطلب من والي الجهة عبر مراسلة كتابية رسمية، ومضيفا بأن وزارة الداخلية كانت وضعت مخططا للمشاريع المنجزة تزامنا مع “كوب 22″، أوكلت للمجلس إبرام الصفقات المتعلقة بها، لافتا إلى أن لجنة مشتركة، مكونة من ممثلي الولاية والبلدية وباقي الإدارات المعنية، سبق لها أن عاينت هذه المشاريع وقامت بالتوقيع على محضر تسليمها.
وسبق للمجلس الجماعي أن أصدر بيانا بدوره، أكد فيه بأن كل ما ورد في الشكاية “مجرد افتراء”، ومعلنا رفضه ما سمّاه بـ “القفز والتطفل على اختصاص أجهزة المراقبة والافتحاص المنصوص عليها بمقتضى القانون من طرف من وصفهم ببعض رؤساء الجمعيات ذات الغايات المشبوهة”، مضيفا بأنه طلب في إطار المادة 274 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات افتحاص الصفقات التفاوضية المنجزة في إطار الإعداد لقمة المناخ رفعا لكل لبس، مع إحالة الملف إلى محامي البلدية من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المشتكي.
وأوضح البيان بأن المجلس توصل بمناسبة “كوب 22” بمراسلة صادرة عن السيد والي الجهة بتاريخ، 12/08/2016 تحت عدد 16493، طلب من خلالها عقد صفقات تفاوضية لاستدراك الآجال المتبقية لانعقاد القمة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الصفقات نظمته المادتان 86 و87 من قانون الصفقات العمومية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6140، بتاريخ 4 أبريل 2013.
تعليقات 0