جريدة نبأ نيوز

كانت تنتظر أن ينتشلها فارسها فاصطدمت بزومبي يتلذذ تعذيبها حتى الموت

صرخة تردّد صداها عبر الطبيعة أرعبت الحجر والشجر والعطر والطير ،وأجفلت الشمس فإذا بالسماء تنزّ دما وتسدل لونها الأحمر على الكون ،،وحنان هناك وسط الخوف والأرض تحت أقدامها ترتج هلعا من صرختها المدوية، بينما شريط حياتها البئيس يخترق ذاكرتها ويزيد من جراحها،
حنان لم تكن تحلم وهي تتلمّس طريقها الموحش في عتمة المجهول تتقاذفها ارجل نتنة وتجار نخاسة هي التي كانت تظن أن سوق العبيد قد ولّى،شاردة كانت بدون بوصلة تبحث عن خيط من كبّة أمل تحيك روحها وترشدها للأمان والحنان ،بإحدى الزوايا المظلمة عثرت على خيط من نور شدّها لطريق منقد كريم قلب طيب صالحها القدر به لتولد من جديد وترسم ابتسامة جميلة على ثغر ابنها الوحيد.
حنان الجميلة كانت تنام وعيونها مفتوحة ،كوابيسها اليومية تقضّ مضجعها وتوقظ القنافد المفزوعة بسريرها ،تصارعها وهي تتصيّد لحظات راحة تسرقها من بين أصابع جلاد لا يعرف للرحمة معنى ،تقفل باب بيتها المهترىء على أحلامها ،تتمدَّد بخوف وهي تترقب أصوات خطوات الوحش ،كل ليلة تدعو من عمق عذابها أن تنام حيواناته الجائعة حتى لا يأتي مشهرا سكاكينه باحثا عن مرعى في أحشائها ،هي جاريته وأرضه التي يحرثها كما يريد وأينما شاء، لم يكن يرى فيها سوى قناة صرف لقاذوراته،بدون أب ولا أخ ولا زوج ولا معيل تجد حنان نفسها مسلوبة الإرادة تنقاد لجزارها كالذبيحة أمام مرآى ومسمع الجميع من الجيران وأهل الحي ، تلبِّي رغباته باستكانة وخوف درء لشرّه وحفاظا على حياة ابنها وأمها ،كيف يعتق جاريته وسجينته بعدما ابتسم لها القدر؟ فكان انتقامه المهين حدّ الموت ،
كانت حنان سعيدة، هي تنتظر أن ينتشلها فارسها من عالم قاسي ومن بين أنياب الوحش لتولد من جديد بعيدا عن كل الوحل والضباب، لم يدر يخلدها أبدا أن قبرا موحشا سيسرق حلمها الوردي و يقفل عليها وعلى لدغات العقرب الغادر الذي وشم جسدها الغض.

تطاردني مطرقة الزومبي وكل أدواته المختلقة لتعذيب حنان ،تطاردني صرختها الموجعة وهي تبحث بآهاتها وتوسلاتها عن آدمية معذبها السّادي فلاترتطم سوى بصخر أصم وزامبي يتلذذ بلعبته الدامية وآلام فريسته الضعيفة فلايزداد الا هيجانا وشرّا.

جسدك حنان لغة أدمت قلوبنا وهي تعرّي عجزنا والوحش يغرس شرّه فيك وفي أعمق نقطة بأرواحنا ،طنين آهاتك يزنّ مثل النحل بقلوبنا لا يفارقنا، لحظات عذاب واغتصاب وحشي لازالت تذبحنا ، لم تنته بانتهاء التسجيل المخيف الصادم،قبضت على جمرة الزمن الضوئي وانا اتابع بهلع ودموع تفاصيل آلامك وتعذيبك الوحشي فانفجر نزيف داخلي بروحي وأنا أترقب النهاية والموت ،قد تكون ومضة رجاء رأيت فيها خلاص عذابك اللامتناهي .
الزومبي وعصابته وأمثاله بقايا رجال من أشلاء ومخصيين عرايا إلا من قاذوراتهم،يغوصون في أدران فحولة متخيلة وجهل ودناءة ،وحوش سريالية تمشي بيننا تجاوزت بقبحها كائنات سالفادور دالي.

مجرم قاتل للأمن والحريّة والأمان، كلّ من تسبب في خلخلة حياة العشرات من النساء المعنفات ضحايا التحرش والاغتصاب ، من فقد رجولته وهو يتفرج جبنا على امرأة تهان او تنتهك كرامتها ، ومن طغت قاذوراته على أنفاسه التي لاترى في المرأة سوى جسدا يستباح ويهان لاحرمة له ولانبض، وحوش دالي العديمة الرجولة والنظافة سبب صرخة حنان وحياة وخولة ،، وكل الكون.
صرخة حنان عابرة للقارا ،حتى غرينيتش احتار في ذبذباتها التي زلزلت المكان وخلخلت الزمان وأيقظت كل الرياح والعواصف من سكونها.
صرختك حنان خلّفت ثقبا بأرواحنا يتجاوز ثقب الأوزون في عمقه وخطورته ،شهيدة الحرية والكرامة أنت ولصرختك ندى أزهر كل القلوب الميتة وأنعش الضمائر المغيبة.
جميلة كنت وستظلين بالذاكرة أما أنت أيها الزومبي الصرصار فمطرقتك البغيضة كسّرت كل الجليد المتجمّد داخلنا ، فهل ستلتحم أرواحنا يوما دون شرخ ؟؟

ننتظر محاربة الثالوث الكارثي المدمّر، الجهل والفقر والفساد…
ننتظر تجفيف مستنقعات القرقوبي والمخدرات واصطياد الحيتان والطفيليات التي تقتات من أحلام فقرائنا..
ننتظر أن تبادر وزارة التضامن والأسرة بوضع برامج مستعجلة لمدّ يد العون لنسائنا المعوزات الفقيرات والأمهات حفاظا على حياتهن وكرامتهن.
وهناك بعيدا ماوراء الأفق، أنظر للشفق، أترقّب قوس قزح وبزوغ شمس حارقة تقترب أكثر قد يكتوي بها الوحوش حدّ الإحتراق والرّماد وهم يتجرّعون من نفس كأس العذاب والهلع والخوف ،حتى صرخاتهم سيبتلعها الوهج ولن يسمع لها صدى.
أرنو بحسرة إلى الضفة الأخرى حيث المساعدات الاجتماعية واحترام القوانين والواجبات عنوان للرقي والحضارة ،.

موت حنان المريع وصمة عار على جبين الوطن وما استفحال ظاهرة العنف ضد المرأة الا نتيجة ضعف العقوبات الزجرية ، المرأة بمجتمعاتنا الذكورية الحلقة الأضعف ما تزال للأسف تتجرّع ظلما مزدوجا وتتقلّب بين نارين ، بين سندان العنف ومطرقة القانون.
فهل مشروع القانون المغربي 103.13 ينصف المرأة المعنّفة ويوفّر لها آليات حمائية ووقائية؟؟؟
صرخة حنان العابرة للقارات والزمان والمكان؟؟؟

لروح حنان وحياة وكل شهيدات العنف، الرحمة والسلام ،
عزاؤنا واحد.
بقلمي المتواضع
محمد أسامة الفتاوي
جميع حقوق النشر والتأليف محفوظة.