جريدة نبأ نيوز

أنت الحياة ، ولا حياة بدونك!

في ليلة باردة جداً .. تأخر الوقت .. لم يعد بعد .. تملكها القلق .. شهدت كل غرف المنزل خطواتها القلقة ذهاباً و إياباً ..

حاولت الجلوس أمام المدفئة لتهدء من برودة أطرافها الباردة بشدة.. و لكن دون جدوى .. و كأنه يستلُ الدفء من كل شيء حين يتركها .. حتى النار ..

لفّت جسدها المرتعد من الخوف عليه .. بشالها الناعم .. ضمت نفسها به بقوة لأنه يحمل رائحة عطره العالقة به منذ أن احتضنها في الصباح ..

فتحت باب شرفتها .. ليستقبلها تيار من الهواء البارد .. ليزداد لون وجنتيها و طرف أنفها إحمراراً ..

وقفت تنظر و تتفحص وجوه المارة.. علّها تراه و يطمئن قلبها ..
قلبها الذي لم يتعلق بأحدٍ مثلما فعل معه ..

تمر الدقيقه تلو الأخرى و كأنها عجلات سنوات ثقال ..

أخذت تحدق في أحدهم يخطو خطواته آتياً من بعيد .. نعم إنه هو .. فهي تحفظه عن ظهر قلب حتى طريقة مشيه و وقع خطواته .. و لو كانت مغمضة العينين ..

هبّت راكضةً نحو باب المنزل لتكون في استقباله ..

كانت تقف بعينيها اللامعتين حباً و خوفاً .. و قد سقط شالها من على كتفيها .. و تطايرت خصلات شعرها بعفوية حول وجهها ..

ما أن رآها و لمح في عينيها نظرت القلق التي تهعد أمام الله و لها أن لا تزورها يوماً طالما هو في حياتها ..
حتى اتسعت خطواته نحوها .. ماداً يده يرفع لها الشال و يحيطها به و يضمها إلى صدره مطمئناً إياها .. كطفلةٍ تائهة وجدت أباها ..
نظر في عينيها مداعباً بطرف أنفه أنفها البارد .. طابعاً قُبلةً دافئةً على وجنتها ..

ما أن اشتمت أنفاسه القريبة منها .. حتى وجدت أنفاسها تنتظم .. و الدفء يسري في عروقها .. و كأنما بعثت فيها الحياة من جديد ..

حملها بين ذراعيه .. عائداً بها إلى غرفتهما .. التي تشهد كل أركانها على نبضيهما الذي أصبح شرطاً أن يبدأ في قلب أحدهما ليكمله قلبُ الآخر ..
وضعها بهدوء تام على السرير وهو يمرر يده بجسدها بنعومة، وفي رمشة عين وضعت شفتيها بشفتيه مغمضة العينين فأحست برعشة وكأنها القبلة الأولى بينهما منذ عشرة سنوات، فقالت له :
ماذا فعلت بي حبيبي حتى جعلتني أتمناك إلى هذا الحد ؟
أجابها :أنت الحياة ، ولا حياة بدونك!!
قالت له: وهل تعشقني بهذا العمر؟
أجابها : وما طعم الفاكهة قبل النضوج فكلما نضجت زادت حلاوتها.. أحبك.
__________________________
إيّاكَ والتّفريط بمن يُجيدُ قراءتك، ذلكَ الذي يسمعُ صمتك، من يُتقنُ الإعتناءَ بك، ذلك الذي يراكَ منهُ، ويرى نفسهُ منكَ، دونَ أن يأبه لتاريخكَ المعتّق بالخطايا، ذلكَ الذي يحبّكَ بكلِّ ما فيك، وإن كَثُرَت عيوبك، سيظل يراكَ كاملاً مُتكاملاً.. ومهما مهما حدث، لن يراكَ ناقصًا..

إيّاكَ والتّفريط فيه، لأنّهُ من النّوادر في زمنٍ لا يرحم، في الزمن الذي كَثُرت فيه الوحوش الآدميّة.. احفظهُ في عينيك.. يحفظكَ في قلبه…
كتابة وتأليف:
محمد أسامة الفتاوي
جميع حقوق النشر والتأليف محفوظة.