جريدة نبأ نيوز

صفقة نيمار هل رياضية أم لعبة سياسية ؟

كرة القدم لعبة شعبية تنافسية واسعة الانتشار وعشاقها اكثر من ان يتم حصرهم ولكننا نجد دائماً وعبر التاريخ ان هناك من يحاول توظيف امور كثيرة لتخدم مصالحه الشخصية في شتى المجالات ومنها رياضة كرة القدم حيث تجد ان هناك من يحاول تحويلها من رياضة يكون الإبداع فيها حاضراً وتكون المهارات الفنية هي العامل الرئيسي خلف متابعتها والحرص على مشاهدتها الى مجرد عامل إضافي لهذا الطرف او ذاك يحقق من خلاله أغراض شخصية اخرى لا تمت للرياضة بصلة لا من قريب ولا من بعيد ونرى ذلك جلياً في موضوع صفقة اللاعب نيمار.

ان الحصول على المال حق مشروع وطموح لا غبار عليه لأي لاعب كرة قدم شريطة ان يتم ذلك بالطرق المشروعة المتعارف عليها دولياً فالمال في النهاية عامل تحفيزي مهم لنيمار ولغير نيمار ممن يحلمون بأمجاد كروية يتمنون لها التحقق ولكن حين تصبح الرياضة مجرد واجهة تستغل لتحقيق مآرب اخرى هنا يقع المحظور وتصبح حينها الرياضة مجرد اداة سياسية تخدم هذا الطرف او ذاك ولعل اكبر مثال على ذلك هو هذه الصفقة التي عقدها ملاك فريق باريس سان جيرمان القطريون مع اللاعب نيمار ذائع الصيت فهذا اللاعب فيما اسمع عنه انه لاعب جيد ذو إمكانيات كروية يعتد بها ولكن هل هو فعلاً يستحق ان يكون سعره الرياضي222000000 يورو ؟ هذا أولاً وثانياً هل هذه الصفقة حققت مراد ملاك ذلك النادي السياسية ؟ ان من متابعتي للتعليقات حول هذا الامر تأكد لي بأن هذه الصفقة أضرت بقطر اكثر من ان تكون نفعتها فما يجهله الكثير من الساسة العرب ومنهم القطريون ان ظنهم بان المال الوفير كفيل بان يحقق غاياتهم أياً كانت هو ظن خاطئ جداً والواقع اثبت ذلك فالغرب صحيح انه نظام رأسمالي ويؤمن بتحقيق الربح المادي ولكن تحقيق ذلك عندهم مشروط بان يتم بالوسائل المشروعة والقانونية المتعارف عليها عالمياً كما ان الغرب أيضاً يمتلك من الوعي ما يكفيه لاستنتاج ما هو حق مشروع لا جدال فيه وبين ما هو مجرد دعاية وتسويق لأمور ومواقف سياسية لا تمت للرياضة بصلة.

ولنعد لدوافع القطريون من وراء هذه الصفقة ان جميعنا مطلع على الحالة المتوترة الموجهة حالياً ضد قطر وكيف نرى قادة قطر وهم يتخبطون في كيفية التعامل معها واحتوائها حيث اننا نراهم حيناً يقولون بان “المقاطعة” الحالية لا جدوى منها ولا تهددهم في اي شيء ثم نراهم في الوقت نفسه يطوفون بلاد العالم ينوحون ويشتكون حول مظلوميتهم المزعومة وكيف أضر بهم ما يسمونه “حصاراً” ومما اعتبره انا والكثير غيري من احدى حسنات هذه “المقاطعة” هو اتضاح امر اعلامي مهم جداً لكل مشكك سابق حول حقيقة “قناة الجزيرة” مثلاً التي كانت ولا زالت تتدعي انها قناة الرأي والرأي الاخر ولكن اتضح بما لا يدع مجالاً للشك ان هذه القناة انما هي مجرد ذراع إعلامي للسياسة القطرية منذ تأسيسها ويكفي لأي شخص معرفة ذلك الان من خلال متابعة برامجها الحالية الخالية من كل ما كانت تدعيه من حيادية ومهنية وما يستشفه أي عاقل من كل ما سبق هو مدى تخبط الجميع في قطر مسؤولين وإعلاميين و”انهم في طغيانهم يعمهون” ولا توجد اي بوادر مشجعة من قبلهم تبشر بانتهاء هذه الأزمة قريباً في ظل ساسة قطر ومستشاريها في عنجهيتهم المفرطة وتعنتهم اللامسوؤل وفِي صبهم المزيد من الزيت على النار دون تفكر او إبداء أي محاولة لمراجعة مواقفهم السياسية من القضايا التي حتمت على دول الخليج المجاورة التصدي لها والسعي لإيقافها.

وعودةً لصفقة اللاعب نيمار اننا نرى ان هذه الصفقة في الواقع فتحت باباً صعب جداً اغلاقه على قادة قطر حيث نجد ان من التداعيات المُحتملة لهذه الصفقة انها قد تؤدي الى امور لم يحسب حسابها صانع القرار القطري ومنها احتمال سحب إقامة مونديال ٢٠٢٢ القادم من قطر نتيجة التحقيقات الجارية حول قضايا فساد ورشوة ارتكبها القطريون في سبيل تحقيق تلك الاستضافة.

اختم بالقول يجب ان يعلم الساسة العرب واخص بالذكر الساسة القطريون بأن مثل هذه السياسات المالية قد تنفع في مجتمعات دول العالم الثالث المتخلف ولكن من عاش ويعيش في الغرب يعلم بأن مثل هذا النمط من التفكير والافعال عواقبها عندهم وخيمة جداً وتداعياتها غاية في السلبية وقد تُحَمِّل مرتكبيها أوزاراً لا يستطيعون تحملها مهما دفعوا من أموال في سبيل تجنبها.