رسالتي لنهاية سنة 2019 موجهة للقوى الحية داخل الأسرة البشرية… بقلم محمد أسامة الفتاوي

أعلم أن الكثير منكم يعملون بجد لأجل بناء وتعزيز أركان مجتمع القانون والمؤسسات ببلده ومحاصرة الفاسدين والمفسدين ومضايقتهم، وأعلم أنه بفضلكم وبفضل كفاحكم اليومي، كل من موقعه وبإمكاناته الخاصة المتواضعة ، فإننا نحارب جميعا بطاقاتنا ضد البروباغوندا والمعلومات الخاطئة، وندافع بشراسة وبكل ما نملك من قوة عن الحق ومناصرة المظلوم ومؤازرته في إطار القانون وبآليات قانونية حتى نيل حقوقه .
فنحن البشر خلقنا لأجل أداء رسالة إنسانية نبيلة والعمل من أجلها وفي سبيلها.. والقيام بوظيفة العمل لصالح هذا المجتمع الذي نحن اعضاء فيه.
هناك الآلاف بل الملايين من أفراد الاسرة البشرية في حاضرنا وتاريخنا الراهني، يعيشون ظروفا مأساوية وفظيعة ليس لها توصيف اقل من القساوة والفظاعة.
هناك ملايين الاطفال مشردة في شوارع مدن العالم في عصر الحضارة الرقمية يتعرضون لأبشع جرائم الاستغلال بشتى أنواعه وتجلياته، وهناك الملايين من الشباب يتدفقون في إطار حركة الهجرة السرية حيث يتعرضون بدورهم الى اقسى انواع المحن والاستغلال والتنكيل والمطاردات، وهناك الملايين من الاسر الآمنة في بيوتهم وديارهم يتعرضون للقتل والتهجير والحرق والاغتصاب والتجويع والتشويه بسبب جشع فئة مارقة تتاجر في السلاح وتصنع حروبا هنا وهناك دون اي ذرة من الحس الانساني.
وهناك الألاف من الافراد يتم اختطافهم والتنكيل بهم وتقطيع أجسادهم لاجل بيع أعضائهم والمتاجرة فيها، وهناك الألاف من النساء والفتيات يتم استخدامهن في ملاهي ليلية ومراكز الدعارة بمختلف أصناف درجاتها (عادية، متوسطة، راقية) لأجل توفير اجواء تسلية ووردية لكبار المفسدين والفاسدين ولصوص المال العام والخونة والعملاء والجواسيس وحلفاء الشر من مختلف الدرجات. ولائحة المآسي طويلة جدا.
يجب علينا أن ندرك جيدا أن لكل شخص بداية ونهاية في هذه الحياة، ولكن الحياة مستمرة وستبقى مستمرة جيلا بعد جيل، وحياة كل جيل مرتبطة ارتباطا وثيقا وعضويا بما يصنعه لها الجيل الذي قبله، فماذا إذن اعددنا -نحن جيل اليوم- للجيل الصاعد..
هل تريدون منه ان يتبول على قبورنا ويمارس فيها أعمال السرقة والكريساج كما يفعل جمهور عريض من جيل اليوم في عدد من القبور.؟
ينبغي ان نسائل أنفسنا باستمرار حول ماهية الغاية من وجودنا ونمارس نقدا ذاتيا وان نراجع سلوكاتنا بشكل يومي ونضعها تحت مجهر التمحيص والتشخيص.. وان نحتكم دائما لمنطق العقل وصحوة الضمير.
ينبغي باستمرار أن نبحث عن الغاية من وجودنا، لاننا خلقنا لأجل غاية محددة ولأجل مواصلة بناء مسيرة التاريخ الانسانية وأن نحدد أسس فكرنا وقناعاتنا مع الالتصاق بجدور هويتنا وحضارة أجدادنا وأسلافنا وأن نواصل مسيرتهم ونصحح أخطاءهم ونحتفظ بمحاسنهم ونواصل المسيرة بالشكل الذي تتيح حياة أفضل للأجيال المقبلة…
ومن ليس بداخله رسالة انسانية ولا يملك اي قضية يحيى من أجلها، يصبح وجوده مضرا للإنسانية ومضرا لوجودها ومضرا لمصالحها ويخلق متاعب ومحن كثيرة للآخرين، ويشكل خطرا على مستقبل الأجيال الصاعدة.
فلصوص المال العام يعتقدون انهم يبنون ثروتهم ويعتقدون ان هذه الثروة قد تنقلهم من الطبقة الكادحة الى الطبقة البوجوازية، ولكنهم ينسون او يتناسون بأن سلوكهم اللصوصي يساهم في تغذية الحقد الاجتماعي والطبقي وإنتاج المآسي والفقر والتخلف والبؤس وانتعاش المخدرات والجريمة، ويؤثث لمشاهد تسيء للأمم ولمجتمعاتها وجنسياته وقد يكون ابنائه او أحفاده ضحايا هذه السلوكات اللصوصية.
اما المتسلطون والديكتاتوريون والمارقون والرجعيون في قرارتهم؛ يعتقدون انهم هم الآلهة “جيبوتير” و”اخناتون” ووو، ولكنهم في الحقيقة يجهلون او يتجاهلون انهم يمهدون الطريق لزوالهم وانهيارهم اشر انهيار وسقوطهم المذوي.
أما الذين يستغلون مواقع نفوذهم للعبث بمصالح الناس وعرقلة مشاريعهم وابتزاز الناس ولا يأتمنون على مصالحهم، فإنهم بكل تأكيد يساهمون في ضرب الأمن والاستقرار والتعايش والسلم الاجتماعي…
مع العلم أنه بإمكان جميع افراد الاسرة البشرية ان يعيشوا حياة سعيدة في مجتمع يوفر لهم جميع مقومات الحياة في كافة المجالات واسس العيش الكريم لو ان من بيدهم زمام امور الشعوب يقومون بتطبيق القانون وتفعيل اسس العدالة الانسانية والاجتماعية والاستثمار فيما ينفع البشرية وينفع مجتمعاتهم.
10 في المائة فقط من مجموع الميزانيات التي ترصد لبرامج التسلح وبرامج القتل والتقتيل كافية وحدها لانتشال شعوب افريقيا وآسيا من مخالب الفقر والجهل والامية.
لا يصح إلا الصحيح وسنة 2020 التي لا يفصلنا عنها سوى أيام معدودة ؛ أدعو الله أن يعيدها على الأسرة البشرية بالرفاهية والسعادة والعمر المديد.
تعليقات 0