بين الحب والشعر إحساس مرهف سيدتي..

سيدتي،
في حضرتك
ترقص كلّ خليّة
و تصبح العبارة خرساء
و ينحني المشوار حياء
في حضرتك
تسافر المشاعر لغير وجهة
دون غاية مجهولة الهويّة
في حضرتك تتورّد الوجنتان
و ينعقد لساني
في حضرتكْ
أنساب صمتا في مجاري بياني
أرتدي جلباب عجز
يحترق الفكر و تتمرّد الأبجديّة
في حضرتك
تجفّ منابعي يا سيدتي.
الحبّ
بين الغاية الجسديّة و العقل سدّ مسلّح بسداد الرّأي و العزيمة.عنده يتوقّف العقل و يستوي الإنسان بالحيوان. أمّا الحبّ فهو إحساس روحي يربط بين القلوب يستثني تلك الغاية و يفصلها عن المضمون. إنّه منزّه عن الجانب الحيواني بعيد عنه كلّ البعد و لذا ليس لإنسان عليه سلطان. و ما كان خارجا عن المدرسة العذريّة ليس حبّا إنّما هو وسيلة لبلوغ سبب غريزيّ حيوانيّ يخمد لهيبه عند قضاء الحاجة. الحبّ العذريّ لا صفة له يبتلى به العاشق و يتلذّذ بعذابه. نجده باذلا قصار جهده للمحافظة على دوامه مدمنا عليه لا يطيب له عيش دون ذكر عاشقه راضيا برضائه مغتبطا بغبطته معافى بعافيته حزينا لغياب خطابه مريضا لتوعّكه قلقا لقلقه مبتسما لسحر نظرته و رقّة حديثه يرى فيه كلّ حلاوة و كلّ جمال و تناسق و اٌعتدال لا يطيب له نوم إذا لم يسامره و يتداوى بدلاله.
الحبّ ليست له قامة و ليس له عرض و لا طول، فصيلة أخرى متحرّرة من كلّ شرط معفية من كلّ وصاية ليس ملكا لأحد. الحبّ أكرمك الله نشوة سماويّة تختمر بها الأرواح اٌلطّاهرة و الأحاسيس اٌلرّقيقة فلا نتبرّم بجنونه و لا نلوم من ابتلي به كان من كان.
الشّعر
اٌلشّعر قلب الأدب و أحاسيسه، فكر و موسيقى، مرآة تعكس الواقع بما يحمله من صراعات بين الحلو والمرّ، بين الخير و اٌلشّرّ. إنّه مدّ يغمر شطآن الحقيقة فيخنق أنفاس كائناتها و زجر يتراجع عن أقدام صخورها فتبدو عارية يصفعها الخجل نادبة جثثا كانت تنعم بالحياة. إنّه نافورة ألم تدفعها الأنّات إلى أقدارها ثمّ تنعكس و تتساقط رذاذا في بركة الأحزان. إنّه حلم لذيذ يداعب أميال اٌلصّبايا ينتشر أمان في رياض اليقظة و يتجلّى أكمام ورود و ألحان. إنّه معاناة قاتمة يلفّها جلباب الفوضى ليحجب أسرارها و يطمس مآتيها.
إنّه صوت متقطّع تردّد صداه بين الأودية قد أجفلت منه الإرادة وعانقه اٌلنّكران. إنّه إبداع زاده العبقريّة و ركابه القريحة مسافر عبر نفوس جريحة و جنان مليحة و جبال و أنهار و فراش و أطيار و صحاري و بحار. إنّه عندليب شاد رائح غاد بين زهر و واد و سحر ليل بهيم و بسمة صبح وسيم. إنّه نور اٌلضّحى و نوح اٌلرّحى، هدوء الأصيل و ضجيج الغروب.
اٌلشّعر أفراح المواكب و أتراحها، حنّاء بكفّ المراد و عقد لآل بجيده. إنّه بسمة و دمعة، يقين و حيرة و شكّ يمزّق أوصال اٌلنّوايا و يمحقها. فمهما وصفت اٌلشّعر قصّرت في وصفه و أنقصت من حقّه، فلكلّ فارس من فرسانه جولة في نواحيه.
محمد أسامة الفتاوي.
تعليقات 0