لا تسأل ماذا يمكن أن يقدم لك بلدك؛ اسأل ماذا يمكن أن تقدمه لبلدك”.
نعم، لقد انعدمت الثقافة التي تُخاطب العقول وأيضًا تلك التي تُخاطب القلوب انعدمت الدينية منها والعامة! تبقى الرِحلة بقيمتها لا بالمسير فحسب، فهناك أناس ساروا ولم يصلوا إلى نهاية الدرب، وهناك أناس لم يسيروا أصلا وآخرون يفتحون الرحلة بأحلامهم وإيماناتهم العميقة وجذور الإرداة الضاربة في أعماق أرواحهم، الناشدة للخلود فإياك أن تظل تبحث عن ظواهر الأمور وتغفل وتنشغل عن القيمة الحقيقة للرحلة فالوطن أخلاق وكرامة وحماية.
المجتمع المغربي مجتمع مليء بالمتناقضات التي أحيانًا ما تصبح عادات أجتماعية ومُسَلَمات دينية لا يُقبل التشكيك فيها.
نتناقض فيما بيننا ونحاول الاستعانة بشتى المفردات التي من شأنها أن تخدم الموقف لصالحنا وتجعلنا نظهر أمام أنفسنا أو أمام المُتلقي على أننا مُثقفون حتى وإن لم نكن، أو أننا أصحاب باع كبير في المناقشات والتحاور. فإن أمعنت النظر في سلوكيات المجتمع المغربي وطريقة عيشه ومحاولة كسبه للمواقف ستُصاب بالدهشة والذهول. فالشعب المغربي هو شعبٌ مُسالم يُحب الكلام والفضفضة وكسب الصداقات ومساعدة المحتاج، كما يحبون الغناء والرقص والاستمتاع بالحياة حتى وإن كان على ذلك ضوابط دينية. ولا أقول ذلك لأنني منهم، ولكنها حقائق تشهد بها شعوبٌ أُخرى.
أصبح البعض بعد أن تاهوا وأصبح طريقهم مسدود يقفون أحيانًا أمام جماهير غفيرة ينتظرون ما ستُسفر عنه كلماتهم الحماسية، وأحيانًا خلف شاشات التلفاز ليخاطبوا شعبًا قلقًا على ما يحمله المستقبل إليهم؛ وسواءً انتهت كلماتهم بتصفيق وهتافات مؤيدة، أو غضب عارم من الجماهير، فقد شكّلت خطابات رجال منهم الكثير من الأحداث المهمة في تاريخه، وترجمت أحداثًا اجتماعية وسياسية وعسكرية كبرى، ورسمت معالم حروبٍ وثورات.
فحتى وإن تغير الحال فى بعض الأوقات من سوء المعيشة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية تظل روح الفكاهه والتدين هى المسيطرة على المجتمع المغربي، لكننا على الوجه الآخر نتناقض في تصرفاتنا وسلوكياتنا فى كثيرٍ من الأحيان، وربما يرجع ذلك إلى ثقافتنا المليئة بالمتناقضات، وعلى رأسها الأمثال الشعبية، والتي هى جزءٌ أصيل في الثقافة الغربية، كما نفضل الاستدلال ببعضها في مختلف المواقف، وذلك بغرض اختصار موضوع كبير في عدة كلمات، أو إيضاح موقف مُعين ببساطة، أو حتى للظهور بزي المُطلع والواعي.
دعوني أخبركم أنني في سنوات خبرتي التي لا أعدها كثيرة خالطت أشخاصًا من البيئتين، بيئة المنطقة الشعبية وبيئة من يتعالون عليهم وينكرون وجودهم، حتى بحُكم عملي في الفترة الأخيرة حضرت اجتماعات ومؤتمرات في أماكن كل شيء فيها مرتب ومحسوب في صرامة، والابتسامة المتكلفة تعتلي الوجوه جميعُها، كنت دوماً أنظر حولي فأشعر بالوحشة وأفتقد الصدق والألفة لان الثقافة مغشوشة والوطنية مختلطة بالأنانية.
تعليقات 0