الانتقال الديمقراطي السليم، يتطلب كنس الخراب السياسي من مواقع المسؤولية عبر صناديق الإقتراع وتفكيكها بالمشاركة الكثيفة في الاستحقاقات المحلية والتشريعية

28 أكتوبر 2018 - 5:49 م

الآن يتأكد بالملموس ان الأحزاب الممثلة في مجلس الشعب تتآمر ضد الشعب وتسعى إلى قتله عبر آلية الموت البطيء.
من خلال احتكاكي مع ساسة من مختلف الاطياف والألوان الحزبية واطلاعي على سلوكات وأفعال بعضهم، ومن خلال عملي الصحفي في مجال التقصي والاستقصاء والتحقيق والعمل الجمعوي ، يمكن لي أن أجزم بان الطبقة السياسية الحزبية تتكون من ثلاث فئات وهي:

1- فئة المفسدين والسيئين.
هذه الفئة تتمتع بنفوذ مالي ضخم تستعمله في التجييش والبلطجة ومحاصرة الطاقات والكفاءات والوطنيين ومنعهم من الوصول إلى مراكز القرار أو الترقي التنظيمي في هياكل التنظيمات السياسية والتلذذ في تعذيبهم النفسي والمعنوي والاجتماعي ليخلو لهم المجال لسرقة أحلام الناس والحيلولة دون تمكينهم من الترقي الاجتماعي والمهني وصناعة خرائط انتخابية على مقاس أمزجتهم .
هذه الفئة تتكون من اباطرة المخدرات وسماسرة البؤس الاجتماعي والعملاء وبعض أشباه المثقفين الذين باعوا الملة والدين والوطن مقابل الملذات بشتى ألوانها وكراسي السلطة، ولها شبكة من المجرمين والقتلة تقريبا في كل حي من أحياء الحواضر الكبرى كمراكش ،يتاجرون ويستثمرون في بؤس الناس وفقرهم وعوزهم ووو.
كما ان جزء من هذه الفئة تبرز أمجادها على حساب جهود الآخرين وتعيش على افتعال المشاكل وافتعال مآسي بهدف استثمارها في مشاريعهم “السياسوية” المربحة والمدرة للدخل من بؤس الفقراء والطبقة العمالية البئيسة.
وتشكل هذه الفئة خطرا حقيقيا على امن واستقرار البلاد.

2- فئة المتملقين والمنبطحين
هذه الفئة تتكون من المصلحيين والمتزلفين والطابور الخامس، ليس لهم اي مبدأ في الحياة وليس لهم اي قضية يعيشون من أجلها …محركهم الوحيد هو مصلحتهم ، أينما اتجهت بوصلة مصالحهم يتجهون معها ….لا يعترفون لا بالجميل ولا بالعرفان ..بمجرد تنتهي مصلحته منك يتنكر لوجودك ولا يجد أي حرج في التآمر عليك والادلاء بشهادة الزور ضدك.
مصالحهم الضيقة اغلى من الوطن ومن كل شيء ، ولا يجدون أي حرج في بيع شرفهم وكرامتهم ودم وجههم مقابل مصالحهم.
هؤلاء هم المتملقون والمنبطحون والمتزلفون ، وهم ليسوا سوى بيادق صغار لساسة الفئة الاولى عن وعي او بدون وعي منهم.

3- الفئة الثالثة تتكون من وطنيين ومسالمين ومن لهم مبادئ وقيم يدافعون عنها، وأغلبهم يقاطع العمليات السياسية اقتناعا منهم ان مشاركتهم لن تغير من الامر شيئا، وهذا هو الخطأ القاتل التي تسقط فيه هذه الفئة …لأن عدم مشاركة سوادها الأعظم في العمليات السياسية يفسح المجال لأصحاب الشكارة وفقهاء الطلاسيم والأميين والحترافة للولوج بسهولة إلى مواقع المسؤولية سواء إلى المجالس الجماعية والمهنية أو مجلس النواب وإعادة ترشيحهم من جديد أو إحلال أبنائهم محلهم. .
بدليل أنه خلال الاستحقاقات التشريعية الأخيرة (باعتباري كنت مسؤولا على ملاحظين منتدبين من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ) ، قمنا بتسجيل عدد من المخالفات من ضمنها أن سماسرة بعض المرشحين كانوا يقدمون رشاوي لمواطنين ليس لأجل التصويت لصالح أولياء نعمهم، ولكن لأجل مقاطعة الانتخابات…

إن وطننا في حاجة إلى أبنائه وفي حاجة إلى مشاركة الجميع في العملية السياسة بغض النظر عن طبيعتها وشروطها، لأن الانتقال الديمقراطي الصحيح يحتاج إلى إزاحة الديناصورات والفاسدين والأميين من مواقع المسؤولية عبر صناديق الاقتراع لإضعاف نفوذهم ومن ثمة التحرر من عبئهم وجرائمهم المالية والاقتصادية والأخلاقية.
إن بلادنا في حاجة إلى شبابها وطاقاتهم وسواعدهم وعقولهم، لإزاحة الكائنات القملية المصاصة لدماء المغاربة من داخل الأحزاب السياسية …
إن بلادنا في حاجة إلى إعادة النظر في قانون الانتخابات وقانون الأحزاب السياسية ووضع معايير صارمة في الترشيح للانتخابات الجماعية والبرلمانية …وعدم السماح بالترشيح لأكثر من ولايتين..
إن بلادنا في حاجة إلى تفعيل وتطبيق آلية ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيل هذا المبدأ لن يكون في ظل وجود منتخبين أميين وسماسرة وكتاب طلاسيم الذين دخلوا عالم الانتخابات اصلا من أجل البزنز وليس من أجل المساهمة في الاقلاع المجتمعي الشمولي….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *