خطر مسكوت عنه/ألم يحن للمجلس الأعلى للحسابات أن يتدخل في خروقات جماعة المشور -القصبة بمراكش، حيث الرائحة العطنة لما يجري بهذه المنطقة أزكمت الأنوف، وأصبح التدخل من أجل الإصلاح لا يحتمل التأخير؟
جماعة المشورـ القصبة بمراكش ،
جماعة حضرية بساكنة تقدر بحوالي عشرين ألف مواطن، يسيرها مجلس جماعي بميزانية تقدر بحوالي سبعة ملايير سنتيم ونصف، مع إشارة إلى أن البندين 135/ 136 من الميثاق الجماعي تنقل بموجبهما اختصاصات رئيس الجماعة إلى السيد الباشا، وتلك قضية الحديث عنها يطول، ولذلك سأحتفظ بها لوقت لاحق، لكي أبقى معكم في الأهم متسائلا كمواطن من فعاليات المجتمع المدني عن الإنجازات التي قام بها هذا المجلس لصالح هذه الجماعة وساكنتها؟،
وهل استجاب لطموحات المواطنين بجعل أولوياتهم قاطرة للتنمية بالمنطقة؟
أنا هنا لا أتحامل على أحد، ولا أحاكم أحدا، بل الأمر الذي يحز في نفسي هو أن أرى هذه الجماعة التي تثوي بين ظهرانيها القصر الملكي العامر، وأينما التفتت في أرجائها إلا وتشتم عبق التاريخ المجيد والشاهد على عظمة الحضارة المغربية، المنطقة التي أعطت نساء ورجالا كانوا نموذجا في الوطنية والعلم والأدب والثقافة والسياسة والفنون ووو… إن الذي يحز في النفس كما أشرت هو أن ترى مثل هذه المنطقة بثقلها التاريخي وإرثها الحضاري وقد تحولت إلى يباب لا تدري ما يُصنع بها، يشارك ساكنتها في الانتخابات بحس وطني، ثم يظلون متفرجين على الغياب التام لمن قلدوهم أمور جماعتهم، وكأنهم صنعوا بأيديهم أصناما وظلوا لها عاكفين.
إن منطقة المشورـ القصبة على شساعتها وعمقها الحضاري وتاريخها المجيد تعيش مشاكل تخلف أدواء اجتماعية قاهرة أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
+ على المستوى الصحي: نسجل غياب مستوصفات بمواصفات لائقة، مع انعدام التجهيزات وقلة الأطر، وحتى لا نبالغ كثيرا، فلن نتحدث عن مطلب إنشاء مستشفى لائق تابع للجماعة، فقط تطالب الساكنة بمصحة خاصة بالولادة حتى لا تضطر الحوامل إلى السفر خارج منطقتهن من أجل وضع أبنائهن، وما يترتب عن ذلك من مشاكل إدارية تدخل في إطار تسجيل الأبناء وعقود ازديادهم وما شابه هذه الأمور، إضافة إلى أن المنطقة ليست بها ساعفة خاصة يستغلها السكان عند الحاجة.
+ أما في مجال الثقافة والتثقيف: فنسجل غياب أي تصور لدى مكونات المجلس الجماعي حول هذا الجانب، فليست هناك مشاريع ثقافية، ولا مهرجانات تحتفي سواء ب(السينما/ المسرح/ الشعر/ القصة/ الحجاية/… أو أي شيء في هذا المضمار)، مما يكشف عن غياب رؤية لهم حول دور الثقافة في حياة الإنسان والتحديات الحضارية التي تواجهه، بل أسجل باستغراب كبير، كيف أن المجلس الجماعي لجماعة المشورـ القصبة لم يكن في أي فترة من الفترات معنيا بأمر إحداث مكتبة ثقافية تثقيفية في المنطقة التي تظل غارقة في أوحال الجهل والتجهيل الذي زج بها فيه التقسيم الإداري الجائر الذي اقتطعها من مدينة مراكش في غياب أي تصور، مما جاءت معه منقوصة من المؤسسات التعليمية والمكتبات الوسائطية والدوائر الأمنية وغيرها.
+ وما قلناه عن الثقافة الفكرية، نعيده بامتياز على مستوى الثقافة الرياضية، حيث نتساءل: ألم يدرك بعد هؤلاء أن الرياضة قاطرة التنمية في كل بلدان العالم، وكلما كان الاهتمام كبيرا بالرياضة، كلما كان للدولة المعينة إشعاع كبير على مستوى الخارج، والأمثلة كثيرة في هذا المجال، فإذا كان الأمر على هذه الشاكلة، فأين هي مشاريعكم الرياضية وبرامجكم في مجالها؟ أين هو دعمكم وتشجيعكم للرياضة والرياضيين ـ بغض النظر عن فريقي الكوكب المراكشي والعهد الرياضي المراكشي)؟ لاشيء يذكر في هذا المجال، ولقد استبشرنا خيرا عندما سمعنا بإنشاء ملعب للقرب قرب أكدال، لا أدر لم يصر المجلس الجماعي على تسميته منتزه أكدال عوض ملعب القرب، وهذا الملعب أنشئ في إطار المبادرة الوطنية للتنمية بقيمة مليار وأربعمائة وخمسين سنتيما، ساهم فيه المجلس الجماعي للمنطقة ب ستمائة مليون سنتيم، حيث فرحت الساكنة بهذا المولود الذي اعتبرته متنفسا لها ولأبنائها، لكن الصدمة كانت قوية، حيث الملعب لازال مغلقا إلى الآن ولم تفتح أبوابه، والآراء حول هذه المعظلة تتعدد وتتباين، دون أن نجد من يقدم لنا جوابا شافيا، فلماذا يتم الاقتطاع من أرض المنطقة قصد بناء ملعب، ومساهمة الجماعة بقسط من المال العام لتهيئته إذا لم يكن باستطاعة الساكنة الاستفادة من هذا المشروع؟، وما صحة الأخبار التي تروج حول إمكانية تفويته لشركة أو لأحدى الشخصيات المعروفة في الأوساط الرياضية من خارج مراكش قصد تسييره؟.
+ محنة المنح الخاصة بالجمعيات: إن جماعة المشورـ القصبة تضم 633 جمعية تمثل فعاليات المجتمع المدني، كلها تكون حاضرة عندما يتطلب الأمر ذلك، ولكنها تعمل بإمكانياتها الذاتية، ولم يتم منح أي واحدة منها أو تدعيمها حتى معنويا، والغلاف المالي الذي خصصته الجماعة للمنح تم توزيعه على الشكل التالي:
ــ فريق الكوكب الرياضي المراكشي: 50 مليون
ــ فريق العهد الرياضي المراكشي: 25 مليون
ــ جمعية الماراطون التابعة لجمعية الأطلس الكبير: 20 مليون.
ومن موقعي هذا أعلن صراحة بأني لست ضد الرياضة والرياضيين، ويمكن لمكونات هذا المجلس أن تمنح للفرق الرياضية أكثر من هذه المبالغ، فهذا من شأنه أن يشجع الأنشطة الرياضية ويعطي إشعاعا لمدينة مراكش من هذه الناحية، ولكن السؤال الذي يحضرني هو: ما حظ الجمعيات الثقافية، والمسرحية، والسينمائية، والفنية، وغيرها؟ ألا يوجد شيء من هذا على مستوى تراب الجماعة؟ إننا لا نصبو إلا للشفافية في هذا المجال، فإن كانت هناك أمور خفيت علينا نرجو أن يتم توضيحها من طرف من يهمهم الأمر.
+ ومن الخروقات التي تشهدها هذه الجماعة أيضا: تمرير صفقة ب أربعمائة مليون لإحدى الشركات قصد السقي والاعتناء بالمناطق الخضراء، فما كان من هذه الشركة إلا أن أخذت تسقي هذه المناطق من مياه الآبار التي حفرها المجلس الجماعي بأموال المنطقة، دون أن تؤدي لا فاتورة الماء ولا فاتورة الكهرباء، أليست هناك إمكانية الاعتناء بهذه الأغراس بالاعتماد على موظفين من قسم الأغراس أو الإنعاش الوطني، حيث يتم تزويدهم بخراطيم المياه يسقون بها هذه المناطق الخضراء مع توفير جزء كبير من مالية الجماعة لأمور أخرى تعود على المنطقة وساكنتها بالنفع العميم؟.
هذا فقط غيض من فيض، وإذا استرسلت في إثارة الثغرات والنقط السوداء في مسيرة هذا المجلس فهي كثيرة منها ما يتعلق بالبنية التحتية، ومشاكل الدور الآيلة للسقوط وما تشهده هذه العملية من خروقات، والاهتمام بالأماكن السياحية بالمنطقة على حساب الأحياء السكانية، زيادة على غياب الأمن، وغياب الرقابة الطبية بالنسبة لبائعي المأكولات وأيضا بالنسبة للحمامات وما خفي كان أعظم، على أنني أعد الساكنة بأني سأعود لهذه القضايا بالتفصيل الممل، لا أرجو إلا إصلاحا، متسائلا في النهاية: ألم يان للمجلس الأعلى للحسابات أن يتدخل في هذه النوازل، حيث الرائحة العطنة لما يجري بمنطقة المشورـ القصبة أزكمت الأنوف، وأصبح التدخل من أجل الإصلاح لا يحتمل التأخير؟، إنه أقرب إلى الجماعة من حبل الوريد، لا يفصله بينه وبينها إلا خمسمائة متر على أكثر تقدير.
تعليقات 0