الوطن عنوان الجميع، والحفاظ عليه يستلزم منا أن نحب بعضنا وعلى الجهات المسؤولة مراجعة سياستها وتدارك أخطائها..
كمتتبع للشأن العام الوطني وإعلامي مهتم بالقضايا الوطنية والدولية وواع تمام الوعي ببنية المشهد الدولي ومكوناته وهوية اللاعبين فيه.
أريد أن أنبه الجهات المسؤولة ببلادنا بمختلف مواقعها ومراكزها أن طوفانا عظيما بدأت تتضح معالمه في الأفق، وهو قادم حتميا أحببنا أم كرهنا، وسيقضي على اليابس والأخضر، إذ أن كل المؤشرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية تخبرنا بمجيء هذا الطوفان، ندرج أهمها وأخطرها:
– ارتفاع نسبة الجريمة بشتى أنواعها وألوانها دون أن تواكبها مقاربة ردعية وزجرية ، بل الواقع يبرز لنا بوضوح أن المقاربة المعتمدة في التعاطي مع الجريمة تسير في اتجاه تحفيزها، وهذا كاف لأن يزعزع ثقة المواطن في الادارة.
– ارتفاع نسبة المديونية الخارجية، وهو مؤشر يدلل على إضعاف سيادتنا على بلدنا.. ويرغمنا على تنفيذ أجندات المؤسسات الدائنة وتهميش انتظارات وتلطلعات المواطنين.
– تدني مستوى الوعي الاجتماعي لفئة عريضة من المواطنين إن لم نقل غيابه المطلق.
– تدني مستوى التعليم بجميع أسلاكه واهتراء الخدمات الاجتماعية وطغيان مظاهر الزبونية والمحسوبية إلى درجة أصبحت واقعا فرض ذاته بقوة للتعايش معنا.
– احتكار ثروات وخيرات البلاد وتداولها في أقلية وحرمان السواد الأعظم من الشعب من حقه في هذه الثروة.
– بطء وتيرة النمو الاقتصادي في الوقت الذي تسير فيه وتيرة النمو الديمغرافي بسرعة رهيبة، وهو ما يكشف عن خلل في التدبير وغياب رؤية مستقبلية تقي البلاد وتحصن وحدته وكرامة مواطنيه وتماسكه وانعدام خطط استراتيجية قادرة على الاجابة على تحديات المستقبل وتحديات الاجيال الصاعدة والمتصاعدة.
– تمكين فئة الأميين والجهلة من تدبير شؤون الجماعات الترابية ومحاربة الكفاءات والطاقات العلمية والمعرفية وإبعادها من دواليب التسيير والتدبير.
– تفشي الانحطاط السياسي داخل غالبية الاحزاب السياسية التي تخلت عن هموم الوطن والمواطنين وحصرت صراعها حول خردة الريع السياسي وتطاحنات داخلية حول من سيفوز بفتات من هذه الخردة.. وهذا الصراع أنتج لنا ظاهرة البلطجة داخل غالبية الاحزاب… وهذا السلوك انتقلت عدواه إلى داخل المركزيات النقابية التي أصبح كتابها العامين من كبار الاقطاعيين يقتاتون على حساب البيع والشراء في كرامة العامل البسيط وقوته اليومي.
– التطبيع مع الفساد وكبار المفسدين وأباطرته وصناعه، ويكفي البرهنة على هذا بما قاله رئيس الحكومة السابق عبد الاله بنكيران في عبارته الشهيرة ” عفا الله عما سلف”.
– تدني مستوى الاعلام الرسمي واهترائه وانحطاطه الأخلاقي ووصوله إلى مستويات ترقى إلى جريمة ضد الشعب المغربي …خاصة وأن هذه الجريمة يتم تمويلها من مال الشعب نفسه.
– اعتماد المقاربة الأمنية في معالجة مظاهر الاحتقان، وهي مقاربة ستزج بالدولة إلى التورط في خطأ استراتيجي قاتل سيزيد من النفخ في بالون الطوفان….. نحن مع المقاربة الأمنية في ملاحقة لصوص المال العام وفي ملاحقة من يهينون المواطن ومن يحرمونه من حقوقه الانسانية والكونية قبل أن تكون حق من حقوقه المشروعة….نحن مع المقاربة الأمنية في حق من يهربون ثروات البلاد نحو الخارج ويساهمون في بيع السيادة الوطنية لأعداء الوطن..نحن مع المقاربة الأمنية في مواجهة أباطرة الريع السياسي والنقابي ومن يزورون أرقام الصفقات العمومية السمينة ….نحن مع المقاربة الأمنية والقضائية مع من يتاجر في أعراض الناس وكرامتهم.
ولائحة المؤشرات طويلة، وكل التي أشرت اليها أعلاها كافية لصناعة طوفان يضاعف أضعافا مضعفة طوفان “تسونامي”… ولا أحد يستطيع إيقافه إلا إذا قامت الجهات المسؤولة بمراجعة سياستها وتدارك أخطائها… والشروع الفوري في شن حملة واسعة النطاق على لصوص المال العام وناهبي خيرات البلاد وأباطرة الريع السياسي والنقابي والمقالع الرملية والحجرية والبحرية لأنهم هم السبب الرئيسي في صناعة بؤر البؤس والغليان الاجتماعي والاحتقانات بشتى ألوانها …والعمل كذلك على تمكين الطاقات العلمية والمعرفية من تدبير شؤون البلاد على مستوى الجماعات المحلية والادارات العمومية ومراجعة سياستها التعليمية والاعلامية والرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطن وتفعيل القوانين والتحرر بشكل جدري من ثقافة ” واش عرفت شكون أنا”…لكي يشعر الجميع بأن القانون يسري على الجميع بحذافيره….
اما اللجوء إلى قمع الاحتقانات الاجتماعية والتعامل معها بمقاربة أمنية لن يزيد الوضع إلا عداء وحقدا على الوطن وعلى المسؤولين ونتائج هذا العداء سيؤدي ثمنها الوطن نفسه والابرياء…
وعلى هذا لاساس كل من يدفع في اتجاه اعتماد المقاربة الامنية في التعاطي مع المظلوم والمحكور والمقهور هم الاعداء الحقيقيون لهذا الوطن.
عنواننا العريض: الوطن والمواطن …ولا وجود لدولة بدونهما ولا وجود لدولة تفرط في أحدهما أو هما معا … المواطن يستمد قوته من الوطن والوطن يستمد شرعيته من قوة المواطن …
وأريد أيضا أن أوجه دعوة للشباب أن يكتسحوا الاحزاب السياسية ويزعزعونها ويكنسون منها الامعات وأباطرة الريع السياسي والنقابي والبلطجيين …. وتنظيفها من الاستئصاليين والاقصائيين ومحاسبتهم بقساوة ومتابعتهم قضائيا …وجرد ثرواتهم وكشفها للرأي العام ومساءلتهم من أين لك هذا….وأكيد ستجدون من يدعمكم لأن ذات الاحزاب السياسية يتواجد بها وطنيون وشرفاء يتم محاربتهم من أباطرة البزنز السياسي.
كمواطن أحمل كامل المسؤولية للاحزاب السياسية والنقابات العمالية …. لأنها هي من تدير شؤون الجماعات الترابية والشؤون العامة للمواطن …وهي من تمرر القوانين الجائرة في حق المواطن ….
الوطن عنوان الجميع، والحفاظ عليه يستلزم منا أن نحب بعضنا البعض وأن نواسي بعضنا البعض ونكون في سعادة بعضنا البعض وفي الدفع بوطننا إلى اللحاق بمصاف الدول المتقدمة …
تعليقات 0